يبدو أن "الغضبة الملكية" على قناصل المملكة في الخارج، والتي عبرها عنها صراحة في خطاب العرش اليوم الخميس، سيكون لها ما بعدها، خاصة وأنه أمر وزير الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، ب"ضرورة العمل، بكل حزم، لوضع حد للاختلالات والمشاكل التي تعرفها بعض القنصليات"، وب"إنهاء مهام كل من يثبت في حقه التقصير، أو الاستخفاف بمصالح أفراد الجالية، أو سوء معاملتهم، ومن جهة أخرى الحرص على اختيار القناصلة الذين تتوفر فيهم شروط الكفاءة والمسؤولية، والالتزام بخدمة أبنائنا بالخارج". وذكر الملك أنه وقف، خلال الزيارات التي يقوم بها إلى الخارج، وعندما يلتقي ببعض أفراد الجالية بأرض الوطن، على انشغالاتهم الحقيقية، وتطلعاتهم المشروعة، علما أنه زار مؤخرا عددا من الدول التي التقى فيها مهاجرين مغاربة خلال تجوله في شوارعها، بينها تونس وتركيا والإمارات، وفرنسا، وعدد من الدول الإفريقية كالسينغال وغينيا الاستوائية والكوديفوار والغابون. وكشف الملك أنه كان يعتقد أن المهاجرين يواجهون بعض الصعوبات داخل المغرب فقط، "بل إن عددا منهم يشتكون أيضا من مجموعة من المشاكل في تعاملهم مع البعثات القنصلية المغربية بالخارج"، مبرزا أن بعض القناصلة "عوض القيام بعملهم، على الوجه المطلوب، ينشغلون بقضاياهم الخاصة أو بالسياسة". مصدر مهتم بشؤون المهاجرين بالخارج ذكر أن كثيرا من القنصليات المغربية في العالم تتعامل مع المغاربة باستخفاف كبير، غير أنه شدد على تردي الخدمات والتواصل في قنصليات عدد من البلدان الأروبية ودول الخليج بالذات، مؤكدا أن المواطنين المغاربة المقيمين هناك يعانون الأمرين من أجل استصدار وثائق بسيطة، فضلا عن شعورهم بعدم الاهتمام ممن أوكلت لهم مهمة تسهيل حياتهم في المهجر كمواطنين مغاربة. وخص المصدر بالذكر كثيرا من القنصليات التي توجد في إيطاليا، معتبرا أنها نقط سوداء حقيقية يرجح أن يكون قناصلتها معنيون بالخطاب الملكي، وخاصة قنصليات المملكة في طورينو وميلانو، حيث عبر المهاجرون هناك، في أكثر من مناسبة، عن استيائهم وتذمرهم من الخدمات، والتي وصفها بأنها دون المستوى، وتسهم في الإضرار بمصالح المغاربة المهاجرين. في المقابل، يشيد المهاجرون المغاربة في إيطاليا بأداء قنصليتي فيرونا وباليرمو، التي يقولون إنهما تسعيان لتكونا في مستوى التطلعات وتحاولان لخدمة المهاجرين وتسهيل شؤون إقامتهم عبر تطوير خدماتهما. وتنضاف بعض القنصليات في هولاندا إلى اللائحة السوداء التي يحتج المهاجرون المغاربة على أدائها باستمرار، كقنصلية المملكة في روتردام، وأوترخت ودينبوش، بحيث اشتكى مغاربة يقيمون ضمن "نفوذها" من أن مسؤوليها يتعاملون معهم بإهمال وبلا مبالاة. كما تعتبر قنصلية مارسيليا ضمن القنصليات التي تقدم خدمات دون المستوى في فرنسا، ولا تستجيب لتطلعات مغاربة العالم، فصلا عن عدد من قنصليات بلجيكا، وقنصليات في إسبانيا، إذ تقدم قنصلية برشلونة واحدة من أسوأ الخدمات في هذا البلد، وقد دعي المهاجرون قبل أشهر إلى الاحتجاج، لمدة 5 أيام متواصلة، أمام مقرها بسبب ما يعتبرونه "فسادا إداريا داخل القنصلية". كما توجد عدد من التمثيليات القنصلية بدول الخليج ضمن لائحة الأسوأ، وخاصة في الإمارات والسعودية، وليبيا، التي أبانت المصالح القنصلية فيها عن ضعف كبير مع تفجر الأوضاع، بحيث تركت المغاربة لمصيرهم دون أن تتدخل في الوقت المناسب وبالنجاعة الكافية. وفي السياق ذاته، طالب جمال الدين ريان، رئيس حركة المغاربة الديمقراطيين في الخارج، في تصريح ل"اليوم 24″، بأن يعين القناصل في المرحلة المقبلة من بين الجيل الثاني والثالث لأبناء المغاربة المهاجرين، مؤكدا: "توجد كفاءات يجب الالتفات إليها وتكليفها بالمهام القنصلية، فهي أدرى بمشاكل المهاجرين والأقدر على تفهم أوضاعهم"، معبرا عن تخوفه من أن يلقى خطاب الملك في عيد العرش نفس المصير الذي لقيه خطابه في 06 نونبر 2005، لافتا الانتباه إلى أن المغاربة المقيمين في الخارج لايزالون يعانون أمام مباني السفارات والقنصليات لإتمام أغراضهم الإدارية.