تلقى المدير العام للأمن الوطني، عبد اللطيف الحموشي، الضوء الأخضر لتنفيذ خطة واسعة لإعادة الانتشار تستهدف ولاة الأمن، وهم أعلى الرتب في سلك الشرطة بالمغرب. وقال مصدر قريب من العملية: «إن الخطة تشمل تغيير نحو ثلثي عدد ولاة الأمن الحاليين الذين لديهم وظائف قيادة ولايات الأمن»، وستكون هذه الخطة أكبر عملية تغييرات يحدثها مدير عام مباشرة بعد تعيينه، منذ عقود. لكن لم يحدد بعد تاريخ إجراء هذه العملية، وإن كانت «القوائم جاهزة» بحسب المصدر نفسه، دون أن يكشف عن أسماء الولاة المعنيين بالعملية لما «قد يشكله ذلك من تأثير معنوي قد يضر بالسلوك المهني عندهم قبل أن يعلن عن العملية رسميا». وبحسب المعلومات المتوفرة لدى « اليوم24»، فإن جميع ولاة الأمن الذين كان قد مدد لهم سن التقاعد المدير العام السابق، بوشعيب أرميل، كي يبقيهم في وظائهم بسبب ما راكموه من خبرة في العمل، سيرحلون عن مناصبهم في عملية التغييرات الجديدة. ويبلغ عدد هؤلاء الولاة المعنيين خمسة، غير أن جعل هؤلاء هدفا أوليا في عملية التغييرات «ليس معناه بأن أي والٍ للأمن كان مسنودا أو معينا من لدن المدير العام السابق سيجد نفسه هدفا لهذه العملية»، كما يوضح مصدر من الإدارة العامة للأمن الوطني. وسيعاد تعيين ولاة أمن آخرين في وظائف مكتبية في الإدارة العامة للأمن الوطني بالعاصمة الرباط. وقال مصدر « اليوم24»، إن «الحموشي غير مرتاح لنتائج تقييم فعالية كثير من ولاة الأمن الحاليين الذين عهدت إليهم مهامهم في عهدة أرميل، كما أن فارق السن بينه وبين كثير من هؤلاء الولاة عامل غير مناسب بالنسبة إلى المدير الأصغر سنا، في سعيه إلى تطبيق سياسات جديدة على صعيد المناطق». وسيستبدل ولاة الأمن الحاليون بضباط «أصغر سنا، ستجري ترقيتهم من رتبهم كمراقبين عامين إلى رتبة والي أمن، وهم ضباط، لدى الحموشي فكرة عن طريقتهم في العمل منذ أن كان (وما يزال)، مديرا عاما لمديرية مراقبة التراب الوطني (الديستي)»، كما يؤكد المصدر ذاته. ووضعت فوق مكتب الحموشي تقارير كثيرة عن تدبير الأمن في الولايات، وكلها «كانت تشير إلى وجود خلل في تنفيذ سياسات ناجحة بسبب عطب في سلسلة القيادة بولايات الأمن المعنية، بحيث إن بعض الولايات لا يستطيع والي الأمن أن يتحكم في طريقة تنفيذ الإجراءات الأمنية من لدن ضباط رؤساء مناطق أمنية أقل رتبة منه، وفي بعض المرات، تبين أنهم يؤثرون فيه بطرق مثيرة للجدل، وأحيانا، لا يظهر والي الأمن أي اهتمام بتطوير سياسة أمنية ناجعة»، كما يقول مصدر «اليوم24». ويصنف المسؤولون الكبار من حول الحموشي ولاة الأمن الذين سيعينون في مناصبهم قريبا بأنهم «جيل غير كلاسيكي» بالنسبة إلى تصور الموظفين في الشرطة للأشخاص حاملي هذه الرتبة، وبحسب ما رشح من كواليس تدبير هذه العملية، فإن «من بين الشروط الرئيسية في بروفايل الضباط المؤهلين لقيادة ولايات الأمن عقب عملية التغييرات هذه، هي تلقيهم لدورات تكوين في كيفية دمج حقوق الإنسان بمنظومة الشرطة، وألا تظهر في سجلاتهم أي سوابق على استعمال الأذى أو التشكي به من لدن المواطنين». ويستبق الحموشي بهذه التغييرات عملية إقرار المسطرة الجنائية الجديدة وما تتضمنه من تدابير تتعلق بحماية الموقوفين داخل مخافر الشرطة، وكما يقول مصدر «اليوم24»، فإن «التطبيقات العملية لمضامين هذه المسطرة الموكولة في جزء كبير منها إلى الشرطة، لا يمكن أن تفرز نتائج جيدة دون أن يقود ضباط غير كلاسيكيين مناطق الأمن في الولايات.. إذا أردت أن تقنع المواطنين بأن البنود المتعلقة باحترام حقوق الموقوفين ستُطبق فعلا، فيجب أن تُظهر لهم موظفين يمكنهم الوثوق فيهم، وهذا ما تسعى الإدارة إلى إثباته». ومنذ توليه منصبه، لم يجرد الحموشي أي وال للأمن من وظيفته باستثناء واحد يعمل بالمكاتب المركزية للإدارة العامة للأمن الوطني. وعلى عكس خلفه، أرميل، الذي كان يميل إلى عدم الحسم في طريقة تدبير ولايات الأمن، وكثر في عهده «ولاة الأمن بالنيابة»، وهم مراقبون عامون يشغلون مهام ولاة أمن مبعدين، دون أن تجري ترقيتهم إلى رتبة وال للأمن. لكنه لم يجر أي عملية تغيير أو تنقيل باستثناء حالة واحدة كانت ظروفها بعيدة عن خيارات المدير العام حينها.