لاتزال منطقة غرداية الجزائرية تعرف المزيد من الاحتقان بعد أن عاشت أياما عصيبة ودامية الأسبوع الماضي، راح ضحيتها حوالي 25 شخصا. في هذا الموضوع يتحدث وكيم الزياني، المنسق الوطني لحركة "توادا ن امازيغن" المغربية، عن أطراف الصراع ومسؤولية النظام الجزائري في إذكائه، والرد على اتهامات الإعلام الجزائري للحركة. هل الأحداث التي عرفتها ولا تزال منطقة غرداية جنوبالجزائر ناجمة عن صراع طائفي مذهبي أم عرقي؟ من خلال تتبعنا كفاعلين أمازيغيين لأحداث غرداية، التي بدأت منذ أكثر من سنتين بين الأمازيغ المزابيين، المعتنقين للمذهب الإباضي، والشعابنة العرب المعتنقين للمذهب المالكي، والتي غُلفت للأسف في صورة صراع مذهبي طائفي مصطنع من قبل داعمي منظومة التطرف الوهابي العابر للحدود والقارات، وبمباركة النظام العسكري الجزائري، يمكن أن نقول إن الأمر يتعلق بصراع المصالح بين ماسكي زمام السلطة في الجزائر في ظل وعي المزابيين ورغبتهم في تسيير أنفسهم بأنفسهم بعدما فقدوا الثقة في الحكام. أمازيغ مغاربة: النظام الجزائري متورط في أحداث غرداية وإن إذكاء النعرات المذهبية الطائفية والعرقية، ما هي إلا الوجه الظاهر من السياسة العسكرية الخفية، التي تعمل بوعي من أجل استيراد التجارب الشرق أوسطية المتسمة بالطائفية. وهذه السياسة التي تنهج في هذه المناطق في الحقيقة تسعى دائما إلى ضرب البنيات السوسيوثافية والاقتصادية للشعب الأمازيغي الذي يعيش انسجاما وتماسكا، وهذه المحاولات بالطبع لا يمكن فصلها عن السياق العام الإقليمي والدولي. 2- الصحافة الجزائرية تقول إنكم "مسخرون" بعد الاحتجاجات التضامنية التي نظمتموها، أخيرا بالرباط وطنجة، تضامنا مع أمازيغ غرداية، ما ردكم على هذه الاتهامات الموجهة إليكم؟ *في الحقيقة أسطوانة "المؤامرة" هذه كثيرا ما تلجأ إليها الأنظمة الشمولية في تبرير سياساتها الفاشلة على جل المستويات، وإيهام الشعوب بأن هناك "بعبع" يقف في وجه سياساتها وإخفاقاتها. أما تضامننا كحركة "تاوادا ن امازيغن" ووفق البيان التنظيمي الذي أصدرناه أو الوقفات الاحتجاجية التي شاركنا فيها إلى جانب مختلف الفعاليات الأمازيغية والحقوقية جاء إيمانا منا بمؤازرة إخواننا الأمازيغ في مزاب، واستنكار ما يتعرضون له من قتل وحرق لمساكنهم وتخريب لممتلكاتهم من قبل جحافل النظام العسكري وزبانيته. أما الحسابات والصراعات السياسية المصلحية الأخرى، التي تهجمت بها بعض وسائل الإعلام الجزائرية على حركة "تاوادا ن امازيغن" كتبريرات لفشلها، لا أساس لها وتتكسر أمام التحليل الموضوعي وحقائق الواقع، كما أن حركة "تاوادا ن امازيغن" واضحة في تصوراتها الفكرية والسياسية، ولا أظن أن العسكر الجزائري يجهل ذلك. 3- هل هناك أدلة على تورط النظام الجزائري في إذكاء الصراع الدائر هناك، وما الذي يجب فعله من طرف المنتظم الدولي أمام هذا الصراع الذي لا مؤشرات على نهايته؟ تورط النظام الجزائري في أحداث غرداية وإيقادها من أجل مصالحه السياسية، أصبح مسألة مفروغ منها أمام حقائق الميدان والواقع، الذي ينقل لنا بالأدلة وقوف العسكر بكل صنوفه الأمنية إلى جانب الشعابنة العرب لقتل المزابيين الأمازيغ تحت لافتة الصراع المذهبي الطائفي المصطنع. ومسؤولية النظام الجزائري ثابتة، وتؤكدها مجموعة من التقارير الحقوقية، ووسائل الإعلام المستقلة ذات "المصداقية"، وأيضا ما تناقله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين رصدوا مجموعة من الأدلة التي تثبت تورط النظام. وهذا للأسف يحدث في ظل صمت مطبق من المنتظم الدولي والحقوقي، وفي تعتيم إعلامي مجحف، وكأنه لا شيء يحدث في غرداية، وكحركة "تاوادا ن امازيغن" نددنا بهذا الأمر عبر بياننا الرسمي، وطالبنا المنتظم الدولي بالتدخل لإيقاف نزيف الدماء الذي ذهب ضحيته أمازيغ غرداية، كما حملنا كل المسؤولية للنظام الجزائري فيما يحدث وما ستؤول إليه هذه الأحداث مستقبلا.