منير أبو المعالي ومحمد أحمد عدة أفادت معطيات توصلت إليها «24 اليوم»، وتدعمها أرقام صادرة عن هيئات محلية تنشط في مراقبة «هجرة المغاربة نحو بؤر التوتر»، أن عددا من الأشخاص يتراوح ما بين 15 و35 التحقوا بتنظيم «داعش» في الشهرين الماضيين، بينهم أسرة كاملة غادرت دفعة واحدة، وفي طائرة واحدة من مطار محمد الخامس. هذا الأسبوع، غادرت عائلة مكونة من سبعة أفراد منزلها في تطوان، لتلتحق بتنظيم «الدولة الإسلامية»، المعروف اختصارا ب»داعش». وبحسب مصدر مطلع، فإن رب الأسرة المسمى (ف.ن) وزوجته، وأربعة من أبنائه، حطت بهم طائرة قدمت من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، على الأراضي التركية، ومن هناك دبرت لهم عناصر من «الدولة الإسلامية» طريقة لولوج أقرب منطقة يسيطر عليها التنظيم في سوريا. ويفيد مصدر جيد الاطلاع، بأن صهر رب هذه الأسرة كان يرافقهم هو أيضا في هذه الرحلة الأخيرة نحو «الدولة الإسلامية». وتطرح مسألة مغادرة سبعة أشخاص من عائلة واحدة في وقت واحد، عبر مطار محمد الخامس، شكوكا حول قدرة السلطات المغربية على تنفيذ تعهداتها التي أطلقتها قبل عام بشأن تشديد الإجراءات المتعلقة بمغادرة الأشخاص نحو مناطق التوتر بالشرق الأوسط. وكانت السلطات قد أوقفت، في صيد ثمين، عبد الرزاق أجحا، في مارس الفائت، وهو متطرف بارز في تطوان، بايع علانية أمير تنظيم «الدولة»، دون أن تلاحقه السلطات حينها. وكانت آخر حالة نجحت السلطات في توقيفها، سيدة وابنها كانا يتأهبان لركوب طائرة في مطار فاس، للالتحاق بزوجها الموجود في أحد معسكرات «داعش»، وستتهم السلطات لاحقا، تاجر «المواد الفاسدة، سعيد العلواني، بالتورط في محاولة تسهيل ظروف مغارة تلك السيدة وابنها للأراضي المغربية. وأحصت «اليوم24» مغادرة نحو 15 شخصا منذ شهر ماي الفائت، عبر مطار محمد الخامس والتحاقهم بتنظيم «داعش»، فيما يقول مسؤولون تحدثوا إلى «أخبار اليوم» بأن العدد «يصل إلى نحو 35 شخصا». وسجل مرصد الشمال لحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية، مغادرة 16 شخصا من شمال المغرب، غير أن المرصد يشير في أحدث تقرير له صدر أمس الجمعة، وتلقت « اليوم24» نسخة منه، إلى أن «وتيرة الالتحاق بدأت منذ شهر يناير، وبقيت مستمرة طيلة الشهور الستة الأولى من عام 2015 بالمستويات نفسها». ويبلغ المعدل الشهري للمتطرفين الملتحقين ب»داعش» منذ يناير الفائت، بحسب المصدر ذاته، 3 أشخاص. وهو «ما يمثل انخفاضا كبيرا مقارنة بالمعدلات الأولى التي كانت تتراوح، حسب تقديرات المرصد، ما بين 30 و35 شخصا في الشهر من المنحدرين من شمال المملكة فقط». وغادرت أسرة تنحدر من مدينة مارتيل، تتكون من زوجين وطفل، أواخر شهر ماي الفائت، مطار محمد الخامس، وانضمت إلى تنظيم «داعش»، ثم لحق بهما شابان من مدينة تطوان، وشابان من مدينة القنيطرة أواخر الشهر نفسه. على أن أبرز حالة «مغادرة والتحاق» تبقى حالة محمد أولاد عمر، وهو متطرف لديه سجل عند السلطات، وبالكاد قضى 6 شهور بعد خروجه من السجن، ليلتحق هو وزوجته بتنظيم «داعش». وأدين أولاد عمر بالسجن عاما ونصف بعدما حوكم بتهمة تجنيد شبان للالتحاق بتنظيم «النصرة» ثم بعده «داعش». وبالرغم من أن العدد الإجمالي للملتحقين الجدد بتنظيم «الدولة الإسلامية» (يتراوح ما بين 15 و35)، لا يصل إلى المستويات المعهودة قبل 2015 حول أعداد الملتحقين المغاربة بتنظيم «داعش»، إلا أن «تفاديهم للرقابة بعد الإعلان عن تشديدها العام الفائت، يترك بعض الفراغات بشأن كيفية تدبير الطوق الأمني ضد عمليات الهجرة إلى مناطق التوتر»، حسب ما يقول ل» اليوم24» محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان. ويشرح بنعيسى أن «حالات معينة كانت تستوجب من السلطات أن ترفع في وجوهها أعلاما حمراء، مثل أولئك الأشخاص الذين هاجروا بمعية أسرهم، فهم معروفون بميولاتهم السلفية، وكانوا من الناشطين المتحمسين لقضايا السلفيين في السجون، ومن البديهي أن السلطات كانت تعرفهم». ويطرح بنعيسى مسألة مغادرة محمد أولاد عمر، «لأن الرجل عندما غادر بتلك الطريقة، وهو ما يزال لم ينفض عنه غبار السجن، إذ كان يجب أن يوقف بصفة تلقائية بالمطار لا أن يُسمح له ومعه زوجته بالمغادرة.. هنا سنحتاج إلى تفسيرات أكثر إقناعا من لدن السلطات». وفي بعض الحالات، ينجح المتطرفون ببساطة في مراوغة السلطات، كما فعل موظف بالمحكمة الابتدائية في تطوان، حينما أوقفته الشرطة بمطار محمد الخامس، فقدم كل أوراقه المهنية ليؤكد نيته في التوجه إلى تركيا بغرض سياحي، لكنه وبمجرد أن هبط فوق الأراضي التركية، حتى عرج على معسكر تدريبي ل»داعش»، أو كما فعلت أسرة تنحدر من حي كويلما بتطوان، وتتكون من رجل وزوجته وابنتهما، حينما غيروا وجهتهم، فبدل أن تكون الوجهة نحو تركيا، أصبحت ماليزيا، ومن هناك «توجهوا صوب تركيا، فسوريا، من دون أن يزعجهم أحد»، كما يوضح بنعيسى.