في جنازة حضرها عدد قليل من المشيعين، جرت بعد عصر يوم الاثنين، بمقبرة ويسلان القريبة من حي ظهر المهراز، مراسيم دفن الأطفال الثلاثة الذين لقوا حتفهم خنقا يوم الأحد الماضي على يد أمهم وهم يغطون في نوم عميق على سرير ظلت تتقاسمه معهم، حيث حضر الجنازة أب الضحايا والشقيق الأكبر للجانية، وتكفل بمصاريف العزاء تجار بحي الملاح ورئيسة الجمعية المغربية لمناهضة العنف والتشرد. السلطات نقلت الضحايا من مستودع الأموات بمستشفى الغساني، وأديت صلاة الجنازة عليهم بأحد المساجد القريبة من المستشفى، ومن هناك إلى مقبرة ويسلان، ما حال دون تخصيص جنازة كبيرة للأطفال، خاصة عقب اتهام أب الأطفال الثلاثة، مصطفى الإدريسي، لإدارة مستشفى ابن الحسن للطب العقلي والنفسي بعدم تحملها لمسؤولياتها تجاه زوجته المريضة، والتي جرى إخراجها مؤخرا من المستشفى بدون إخبار عائلتها بتطورات حالتها العقلية والنفسية، بعد أن قضت بالمستشفى 15 يوما. المتهمة بالسجن بدلا من المستشفى وبخلاف ما كان ينتظره المتتبعون وعائلة الأم المريضة عقليا، أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، خلال مثول المتهمة مساء يوم الاثنين، في حالة اعتقال، أمام الوكيل العام للملك، الذي أحالها مباشرة على التحقيق، (أمر قاضي التحقيق) بإيداعها سجن عين قادوس رهن الاعتقال الاحتياطي، في انتظار مثولها أمامه للتحقيق معها تفصيليا في المنسوب إليها في جلسة ال22 من شهر يوليوز الجاري، بعد أن التمس الوكيل العام للملك متابعتها بتهمة «القتل العمد»، فيما طالبت عائلتها وضعها بمستشفى ابن الحسن للأمراض النفسية والعقلية للتأكد من حالتها النفسية والعصبية، التي يُعتقد أنها وراء إقدامها على جريمتها الشنعاء، وذلك بإجراء خبرة نفسية وعقلية على المتهمة بخصوص قدراتها العقلية في التمييز والإدراك، إذ شددت عائلة المعتقلة في تصريحاتها للمحققين بأنها بعد اقترافها لواقعة خنق أطفالها الثلاثة، وتعرضها لنوبة من الصراخ وحالة من الهيستيريا بزقاق الحي، عاين جيرانها عودتها إلى البيت ولجوئها إلى حضن أطفالها، قبل أن تنهار وتعتقلها الشرطة. وحصل الموقع على معطيات مثيرة من مصادرها، كشفت أن المحققين وجدوا صعوبات كبيرة في استنطاق الأم المعتقلة عن أسباب إقدامها على خنق أطفالها الثلاثة، وهو ما عجل بتقديم المتهمة أمام الوكيل العام للملك، مساء أول أمس الاثنين، قبل إنهائها لمدة 48 ساعة تحت تدابير الحراسة النظرية، حيث كان منتظرا أن تمثل أمامه صبيحة اول أمس الثلاثاء. وأضافت ذات المصادر أن المتهمة بدت شاردة ذهنيا خلال مثولها أمام الوكيل العام للملك وقاضي التحقيق، وأنها ظلت تردد منذ اعتقالها من قبل الشرطة حتى تقديمها أمام المحكمة، جملة واحدة «قتلتهوم باش ما يتعدبوش»، في إشارة منها إلى ما راج عقب الحادث من وجود خلافات بينها وبين زوجها حول إهماله لأسرته منذ أن فقد عمله بمقهى شهر رمضان الماضي، وهو ما نفاه الزوج مصطفى الإدريسي أمام المحققين بتأكيده على أن زوجته ظلت تعاني من نوبات نفسية خلال السنوات الأخيرة، وأن حالتها العقلية تعلمها عائلتها وعائلة الزوج، مشددا على أن أطفاله الثلاثة راحوا ضحية أمهم التي وصفها الزوج أمام المحققين بأنها هي الأخرى ضحية إهمال طبي من قبل المستشفى الذي كانت تعالج فيه. الملف الطبي للمتهمة من جهته، قدم الشقيق الأكبر للجانية، خلال الاستماع إليه من قبل النيابة العامة وقاضي التحقيق، الملف الطبي للمتهمة، (حصلت « اليوم24» على نسخة منه)، الذي تضمن تقارير طبية تخص شقيقته، وتعود إلى سنة 2014، إذ سبق لأطباء اختصاصيين في الأمراض النفسية والعقلية والجهاز العصبي بمصلحة الطب النفسي بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، وأطباء القطاع الحر، أن حرروها وأكدوا فيها أن قاتلة أطفالها تعاني من خلل عقلي ونفسي حادين منذ 5 سنوات، وأنها تولد لديها عنف لفظي ونزعة عدوانية ضد نفسها وغيرها، حيث حاولت، بحسب نفس التقارير الطبية، إيذاء زوجها وأطفالها بواسطة «الأسيد». وشدد الأطباء في تقاريرهم على أن حالة الأم المريضة معقدة وصعبة العلاج، بسبب رفضها تناول الأدوية، حيث نصحوا عائلتها بضرورة وضعها تحت العناية الطبية المركزة بمستشفى للطب النفسي والعقلي، وإجبارها على تناول الأدوية.