حاورته وداد ملحاف ما تعليقكم على منع فيلم «الزين اللي فيك»؟ لا يمكن للمرء إلا أن يندد بهذا المنع، ويستنكر الطريقة البائسة التي تمت بها عملية اتخاذ القرار لسببين اثنين؛ الأول هو أن القاعدة في الإبداع هي الحرية، أما والمغرب أقر باتخاذ قيم حقوق الإنسان مرجعية له، فلا يمكن إلا أن أقف ضد هذا المنع العنيف؛ أما السبب الثاني فهو أن خلفية المنع تثبت أن المسؤولين عن قطاع الاتصال يخلطون بين قناعاتهم الإيديولوجية وانتمائهم الحزبي وبين مسؤولياتهم العمومية. فالتعليق الذي رافق قرار المنع استُعمل فيه كلام حربي، من قبيل أنه «قرار سيادي»، وهو ما يثبت أن هناك جهة تخوض حربا ضد الفن وضد الإبداع، مهما كانت آراؤنا ومواقفنا من عمل سينمائي لم يشاهده الناس بعد. والظاهر أن العنف السياسي الذي مورست به عملية المنع تكشف موقفا مبدئيا عدائيا من الإبداع ومن كل التظاهرات التي تعتبرها العقلية المحركة للمنع لا تتماشى مع أوهام وتخيلات أصحابها. ما تقييمكم للجدل الدائر حاليا حول فيلم المخرج نبيل عيوش؟ هذا الجدل مغلوط بل ومبيت، وهو ليس جديدا. علينا أن نتذكر جميعا الجدل الذي دار بعد فيلم «حب في الدارالبيضاء» لعبد القادر لقطع سنة 1992، ثم فيلم «ماروك» للمخرجة ليلى المراكشي وأفلام أخرى، وصولا إلى فيلم نبيل عيوش، وهذا ما يؤكد وجود جيوب محافظة، لها مبرراتها الرمزية والثقافية ولا شك، لكنها تخوض حربا منذ مدة، واليوم بدأت تعلن درجة من الشراسة باسم الائتمان على الضمير الجمعي والدفاع عن الثوابت، والحال أن المغرب انخرط في مسار معياري وقانوني يصعب فيه تكميم الأفواه بالطريقة التي تمت، وسيكون من الخفة السياسية وضيق الأفق أن نمنع اليوم فيلما في سياق ما يعرفه العالم من تطور تكنولوجي، كيفما كانت جنسية هذا الفيلم وطريقة إخراجه. هل نقل الواقع إلى السينما هو مبرر لضعف الطابع الفني؟ أنا لم أشاهد الفيلم بعد، بل شاهدت مقاطع منه من ضمن ما يقرب من 3 ملايين مشاهد، ثم إن هذا النقاش بقدر ما يدخل ضمن الاختصاص، يمكنه أن يكون نقاشا مجتمعيا؛ لكن المنع حرم الناس من النقاش الجدي، المبني على الاطلاع في كل أبعاده الثقافية والفنية، لذلك، فهذا المنع هو منع لحرية التعبير والإبداع، لأن الفيلم، بما له وما عليه، كان سيكون مناسبة ليعبر الناس عن تحفظاتهم إزاء الاختيارات الفكرية والجمالية لصاحب الفيلم، ولمناقشة الفارق بين الواقع وبين تخيل الواقع. فالسينما تخيل وإبداع، ورواية قد تعكس بعض معطيات الواقع أو بعض انطباعاته، لكن قرار المنع بلغ درجة كبيرة من القسوة والعنف، وحرم الناس من النقاش الهادئ والرزين حول الإبداع والتخيل في علاقتهما بالمجتمع وبالواقع. وهو ما ينبئ بمسلسل تضييقي ضد الحرية والفن. * متخصص في الصورة السينمائية