يبدو أن الحرب التي تشنها السلطات الجزائرية على تهريب المحروقات في اتجاه المغرب، تشتمل على اكثر من مرحلة، فبعد مرحلة حفر الخنادق التي لازالت مستمرة إلى حدود اليوم بمجموعة من النقاط على الشريط الحدودي، ومرحلة تجييش الائمة والخطباء بمساجد ولاية تلمسان، لحثهم على إعطاء دورس ومواعظ في تحريم التهريب من باب "تحريم تدمير الاقتصاد الوطني"، واستغلال تلك المواعظ في الحملات الاذاعية، ها هم الأعيان يقحمُون في المرحلة الجديدة من هذه الحرب، حيث أكد مهربون مغاربة وجزائريون في تصريحات متفرقة ل" اليوم24" أن الجزائر أقنعت العديد من الأعيان، خاصة بمدينة مغنية وبلدات الشريط المتاخم للتراب المغربي، بضرورة انخراطهم في الحملة الأمنية التي تقودها الجزائر لمنع المهربين من تهريب المحروقات إلى التراب المغربي. وكشف مهربون رفضوا الكشف عن أسمائهم أن عددا من الأعيان شرعوا في حملة لثني المهربين عن الاستمرار في عملهم، ونقلوا إليهم تعليمات السلطات الأمنية مفادها ان الأجهزة الأمنية (حرس الحدود)، لن تتساهل معهم في حالة ضبطهم وهم يزاولون نشاط التهريب، اللغة التي صاحبت حملة الأعيان وصفتها نفس المصادر بالتهديدية، وصلت في بعض الأحيان إلى التهديد بالوشاية لدى حرس الحدود، كما حدث يومين قبل عيد الاضحى عندما نقل أحدهم تعليمات إلى بعض المهربين بنواحي مغنية، حيث تقدم منهم وأكد لهم التعليمات التي توصل بها من الجهات الامنية ومن والسلطات المحلية للحد من "تهريب الثروة الوطنية"، وهو الامر الذي قوبل من قبلهم برفض وسخط شديدين كاد أن يتطور معه الأمر إلى مواجهة واشتباك بالأيدي، قبل أن ينصرف الشخص المعني متوعدا بإبلاغ السلطات. وقالت المصادر ذاتها أن فكرة الاستعانة بالأعيان هي من إقتراح قيادة حرس الحدود، بعدما أحست بأن هناك تعنت من قبل شريحة عريضة من المهربين لا تريد العدول عن تهريب المحروقات، وعوض الدخول معها في مواجهات مباشرة، كما حصل في الأيام الأولى من انطلاق الخطة الأمنية فضلت الاستعانة ب"وسطاء" لإبلاغ رسائلها إلى المهربين الذين مازالوا يخاطرون بحريتهم في سبيل العمل والكسب من تهريب المحروقات نحو المغرب. وتوقعت مصادر مطلعة أن تتبع هذه الحملة حملات أمنية واسعة تمشيطية على الشريط الحدودي لاجتثاث "البنية التحتية"، التي وضعها بعض المهربين بالمنازل والضيعات المشيدة على طول الشريط الحدودي خاصة "الصهاريج" المصنوعة ذاتيا، و التي شيدوها لتخزين المحروقات التي يجلبوها من محطات التعبئة، قبل تهريبها بواسطة الحمير إلى نقاط الالتقاء مع المهربين المغاربة. حملة قالت نفس المصادر أنها ستجد مبرراتها في القانون الجديد الذي ستقرّه الحكومة الجزائرية حول التهريب، وأيضا في ذريعة استنفاذ جميع الطرق لردع المهربين عن الاستمرار في نشاط تهريب المحروقات، كما أن مجموعة من قادة المراكز التابعة للدرك نقلت تصريحاتهم منذ أيام وكالة الأنباء الجزائرية عبروا عن استحضار الخيار الأمني خلال التدخلات التي سيقودها الدرك الوطني مستقبلا. وبالرجوع إلى الخنادق حجر الزاوية في الخطة الأمنية التي أقرتها الجزائر عاينت "اليوم24" خلال الأيام القليلة الماضية عودة جرافات الحفر الى عدة مناطق خاصة قبالة منطقة "الكربوز"، و"العالب"، هذه الأخيرة التي نشب بمحيطها خلاف حاد بين حرس الحدود الجزائري والمغربي مؤخرا بعدما لاحظ الجنود المعاربة محاولة حفر جزء من تلك الخنادق بالتراب المغربي.