تزامنا مع التحدي الذي رفعه الحسين الوردي، وزير الصحة، «إما أنا أو بويا عمر»، وإصراره على إخلاء الضريح والدور المحيطة به من المصابين بالأمراض النفسية والعقلية وإيداعهم مستشفيات عمومية، وجّه المكتب الجهوي للمؤسسة المغربية لحقوق الإنسان رسالة إلى وزيل العدل والحريات، باعتباره رئيسا للنيّابة العامة، طالبه فيها بفتح تحقيق حول الانتهاكات التي تطال نزلاء الضريح المثير للجدل بإقليم قلعة السراغنة، موضحا أن «مجموعة من الأشخاص يجنون المال على حساب صحة وكرامة مواطنين مغاربة، والإساءة لسمعة المنطقة خاصة، والدولة المغربية عامة». وأضافت الرسالة أن حوالي 1800 مواطن مغربي يُحتجزون في بيوت مجاورة للضريح، ويتم تكبيلهم بالسلاسل الحديدية مقابل مبالغ مالية خيالية تُستخلص من أهاليهم، مع تعريضهم للتجويع والتعذيب والاعتداءات النفسية والجسدية، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى إقدام بعضهم على الانتحار، لافتة إلى أن السنة الماضية شهدت دفن ضحية في ظرف وجيز دون مساءلة صاحب البيت الذي وقعت فيه عملية الانتحار. وتابعت الجمعية الحقوقية قائلة إن العديد من نزيلات الضريح والمنازل المجاورة له يتعرضن لاعتداءات جنسية تتسبب لبعضهن في ولادات غير شرعية. كما أشارت إلى أن سماسرة يجنون أموالا طائلة عبر التوسط في عملية كراء المنازل التي يتم فيها احتجاز المرضى وتعذيبهم، مطالبة مصطفى الرميد بإعطاء تعليماته للضابطة القضائية المختصة بفتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات، وترتيب الجزاءات على المتورطين في هذه الأفعال المخالفة للقانون. رسالة المؤسسة المغربية لحقوق الإنسان تعد الثالثة من نوعها في أقل من سنتين. فقد سبق للرابطة المغربية لحقوق الإنسان أن تقدمت بشكاية إلى فريق العمل الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي في آخر زيارته للمغرب، طالبت فيها بتحرير المرضى النفسانيين المحتجزين بضريح «بويا عمر»، وإنقاذهم من التعذيب الممارس عليهم. وسبق للودادية المغربية للمعاقين أن تقدمت، بواسطة المحامي عبد الحي شخمان، بشكاية إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية الدارالبيضاء، حول اتهام أحد المهاجرين المغاربة بألمانيا لإخوته ولمشرف على ضريح بويا عمر، باحتجازه وتعذيبه طيلة سنتين داخل أسوار الضريح، تحت ذريعة علاجه من خلل عقلي، «بينما كان الهدف الحقيقي هو السطو على نصيبه من تركة والده عبر إسقاط اسمه من قائمة الورثة الشرعيين»، تقول الشكاية. كما سبق للمئات من سكان منطقة بويا عمر أن نظموا، قبل سنتين، مسيرة احتجاجية انطلقت من مركز الجماعة القروية، وقطعوا أكثر من خمسة وأربعين كيلومترا مشيا على الأقدام باتجاه مقر ولاية جهة مراكش تنديدا بما وصفوه ب»تحول منطقتهم إلى غوانتانامو للمرضى النفسانيين بالمغرب»، وشاجبين سياسة الآذان الصماء التي ينهجها معظم المسؤولين، وعدم اكتراثهم بما أضحت تعانيه المنطقة من «الاحتجاز القسري والاستغلال والمعاملة الوحشية للمرضى النفسانيين، وعجزهم عن التصدي للنفوذ الذي تمارسه الجهات المستفيدة من الوضعية الحالية، والتغطية والحماية التي توفرها بعض الجهات للمهيمنين على مداخيل الضريح». ويتساءل سكان المنطقة عن مآل التعهدات التي كانت التزمت بها مؤسسة العمران، في شخص مديرها الجهوي الأسبق، ووزارة الصحة، بتشييد مركب اجتماعي بجماعة بويا عمر يحوي مستشفى للأمراض النفسية ومرافق اجتماعية وترفيهية، ويمحو الصورة القاتمة عن هذه الجماعة القروية المهمشة والمعزولة. —