مع بدء العد التنازلي لمقابلة " الكلاسيكو"، التقليدية بين نادي برشلونة وغريمه التاريخي ريال مدريد يوم 26 أكتوبر الجاري، تكتسح شوارع وساحات مدينة برشلونة مجموعات من الشباب المغاربة، متفرقة لكن متضامنة، تعودت تحمل عناء السفر لحضور هذا اللقاء الرياضي . إنهم " مغاربة البارصا "، يتعرف المرء عليهم دون عناء، أغلبهم يلفون حول أجسامهم أعلام وشعارات وألوان فريق " البارصا "، لكن مع إضافة مغربية صرفة، وكم هي معبرة، إنها مربع يحمل إما صورة جلالة الملك محمد السادس أو العلم المغربي. إنهم " مغاربة البارصا" الذين يختلطون ولمدد قصيرة ب " مغاربة العالم " في كاطالونيا الذين يبلغ تعدادهم أزيد من 250 ألف مهاجر مغربي في هذا الاقليم الواقع شمال شرق إسبانيا على الحدود مع فرنسا. ويبلغ عدد " مغاربة البارصا " بضع مئات من الشباب وأحيانا يافعين، جلهم ينحدر من مختلف المدن المغربية وخاصة من مدن الدارالبيضاء والرباط وطنجة وتطوان ،وينتمون في غالبيتهم الى الطبقة المتوسطة. هم عموما من المقاولين الشباب أو التجار أو الأطر العليا في القطاع الخاص، ينتظمون في نوادي غير رسمية، غايتهم الحضور ومساندة فريقهم المفضل، نادي برشلونة خاصة في مقابلاته ضد غريمه ريال مدريد، هذا الأخير الذي يحظى بدوره بشعبية في المغرب، لكن ربما بنسبة أقل. ويبدو ان سكان برشلونة إستأنسوا بهؤلاء الضيوف ، بل واحتضنهم مشجعو نادي برشلونة بكل حميمية. يقول بيدرو جوردي، صاحب مقهى مشهور، ومعروف باستقباله لمشجعي نادي برشلونة القادمين من جميع بقاع العالم " إن المشجعين المغاربة نموذجيين وعلى خلق ، ويؤدون دائما ما بذمتهم عكس العديد من المشجعين الأوروبيين الذين يتملصون من أداء الحساب في مثل هذه المناسبات". وعن ظاهرة " برشلونة النادي الاسطورة" الذي يسانده نحو 340 مليون مشجع منتشرين في جميع بقاع العالم، اعتبر عبد السلام الريفي ، وهو من المقاولين الشباب المنتمين الى مدينة تطوان أن الإشاعات التي تتحدث عن استغلال " البارصا" في " مهاترات سياسية " من طرف بعض اللوبيات السياسية في إقليمكاطالونيا أمر لا يهم " مغاربة البارصا " ، لان المشجعين المغاربة لا يهمهم الا الفرجة والمتعة ومشاهدة لاعبيهم المفضلين، مثل ميسي ونيمار وأليكسي وتشافي وإنيستا وغيرهم وبالتالي " لا دخل لمغاربة البارصا في أمور لا تعنيهم " . من جهته، كشف نور الدين الصديقي أحد المهووسين بنادي برشلونة أن " مغاربة البرصا " تمكنوا مؤخرا من تأسيس جمعيات ونوادي مختلطة مع نظرائهم الكاطالونيين هدفها تبادل التعاليق حول المباريات الكروية لكن دون الخوض في مواضيع بعيدة عن الرياضة وكرة القدم . أما السيدة نديرة محمدي، وهي من السيدات القلائل اللائي يسافرن من مدينة الدارالبيضاء الى إسبانيا من أجل تشجيع فريقها المفضل فقد قالت إن عشقها للبرصا جاء بفضل زوجها الذي يعتبر الفريق الكاطالوني " أهم شيء في حياته بعد الوطن والعائلة". نوفل الوردي المنحدر من الدارالبيضاء يحفظ عن ظهر قلب تاريخ نادي برشلونة كما يعرف كل لاعبيه القدامى أو الحاليين ، وله صور فوتوغرافية عديدة بجانبهم ، كما يحتفظ برسائل البعض منهم يشهرها بكل فخر واعتزاز أمام مشجعين آخرين من بلدان أخرى. يذكر ان نادي برشلونة تأسس عام 1899 على يد مجموعة من اللاعبين السويسريين والإنجليز والإسبان بقيادة خوان غامبر. و أصبح النادي رمزا للثقافة الكاطالونية والقومية الكاطالانية، ولهذا فان شعاره هو " أكثر من مجرد نادي " ،وذلك في إشارة الى الحمولة القومية للفريق.كما أن النشيد الرسمي للنادي هو " لا أحد قادر على قهرنا ". وتعد " البارصا" من أغنى نوادي كرة قدم من حيث العائدات، إذ تصل نسبة مبيعاته السنوية إلى 398 مليون يورو. كما يعتبر نادي برشلونة أحد أكثر الأندية نجاح ا في تاريخ كرة القدم الإسبانية من حيث عدد البطولات، بحيث فاز باثنين وعشرين لقب البطولة " الليغا "، وبرقم قياسي في " كأس إسبانيا " بستة وعشرين لقب، وبعشرة ألقاب من " كأس السوبير الاسباني"، وهو أيضا من أنجح الأندية في تاريخ كرة القدم الأوروبية، على صعيد البطولات الأوروبية ، إذ حقق 15 لقب قاري أوروبي. وهو النادي الأوروبي الوحيد الذي لعب كرة القدم القارية في كل موسم منذ عام 1955. وفي عام 2009، أصبح برشلونة أول نادي في إسبانيا يفوز بثلاثية ، الليغا، كأس ملك إسبانيا، ودوري الأبطال، وفي نفس العام، بات أيضا أول نادي كرة قدم يفوز بست بطولات في عام واحد، ليكتمل الإنجاز بالسداسية، التي تشمل الثلاثية المذكورة بالإضافة إلى كأس السوبر الإسباني وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية. ورغم كل النقاشات التي تصل أحيانا حد التشنج، يجمع " مغاربة البارصا" على أن ما يهمهم هو متعة كرة القدم و لاشيء آخر، ويتمنون أن يصل مستوى كرة القدم المغربية الى مستوى الكرة الاسبانية. حلم هؤلاء الشباب " مغاربة البارصا" ، أن تجرى مقابلات كرة القدم في المغرب في جو رياضي بديع بعيدا عن أي خشونة أو أحداث مشينة كالتي تشهدها الملاعب المغربية بين الفينة و الأخرى .