أول خروج علني لقيادي بارز في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشأن تسوية ملف أعضاء الشبيبة الإسلامية من لدن وزارة العدل والحريات، يظهر أن عودة عبد الكريم مطيع، رئيس التنظيم، إلى البلاد، مازالت مقيدة بشروط. محمد اليازغي، رجل الدولة، والقيادي في الاتحاد الاشتراكي، ورفيق عمر بنجلون، يقول في تصريح خص به « اليوم24»، «لا يوجد أي مانع لدي من عودة عبد الكريم مطيع إلى المغرب، لكن يجب عليه أن يقدم نفسه أولا إلى المحكمة كي يشرح لها ما حدث، وعلاقته باغتيال عمر بنجلون.. لا يمكن أن يُلام بعض الأعضاء الذين كانوا وسائل تنفيذ، بينما تُخلى ساحة رأس التنظيم، وعقله في ذلك الوقت. لقد أقر أولئك المنفذون بأن مطيع كان لديه دور في اغتيال بنجلون، لذلك لا يمكن التغاضي عن هذا الأمر بهذه البساطة، وبالتالي لا يمكن له أن يطمع في أن يستفيد من شيء آخر، أو أن نقبل بتسوية تشطب الحق في معرفة الحقيقة». ويضيف اليازغي «إن مطيع يريد عفوا شاملا عليه من لدن الملك، وأن يُرد إليه الاعتبار، وكأننا بصدد عقد مصالحة مثلما حدث مع هيئة الإنصاف والمصالحة حينما أجرت تسوية بين النظام والمعارضين السياسيين الذين كانوا ملاحقين من لدن نظام الحسن الثاني، بينما الأمر مختلف بالنسبة إلى قضيته، لأن المصالحة تكون بين النظام والشعب، حينما ترتكب خروقات جسيمة لحقوق الإنسان، لا بالنسبة إلى أشخاص كانوا يغتالون أو يحاولون اغتيال الناس». لكن اليازغي يشك في أن تكون دوافع مطيع في اتخاذ موقفه المعارض من التسوية المعروضة عليه من لدن وزارة العدل، هي رغبته في الحصول على عفو شامل، بل إن مطيع بحسب اليازغي، «خائف على نفسه في حال دخوله إلى المغرب عبر تسوية وزارة العدل، فهو غير مطمئن على مصيره، ويعتقد بأن الشرطة ستعتقله بمجرد أن يطأ أرض المطار، وقد يحصل ذلك بالفعل، ويقدم للمحاكمة. ولا أعتقد بصفة شخصية أن القول بأن اسم مطيع قد حذف من حاسوب الشرطة صحيح تماما، ولحد الساعة لم أصدق هذا الأمر، لأنني أرى بأن حذف أسماء الأعضاء الآخرين من الحاسوب شيء، بينما حذف اسم مطيع شيء آخر.. ربما بمجرد أن يصل إلى المغرب سيجد نفسه موقوفا من لدن الشرطة، وسيخضع للمحاكمة»، ويوضح اليازغي أكثر ما يقصده قائلا: «إن مساواة مطيع والآخرين من أعضاء الشبيبة الإسلامية غير معقول، لأن مطيع كان مسؤولا كبيرا في التنظيم، ولا يمكن أن يكون ملفه مثل ملف عضو عادي كان يتلقى أوامره من مطيع نفسه، ولذلك، فإني بقدر ما أرى أن عودة أولئك الأعضاء إلى بلادهم أمرا عاديا لأن ملفاتهم غير مرتبطة بدم بنجلون، فإن عدوة مطيع مسألة أخرى». وبحسب اليازغي، فإن تصفية ملف الشبيبة الإسلامية بالنسبة إليه كان دوما موضع تمييز بين مرحلتين لقضاياهم: «هناك أعضاء الشبيبة الإسلامية الذين حوكموا وأدينوا بسبب ملفات تتعلق بالسلاح ومحاولة قلب النظام، وهؤلاء لا صلة لهم بدم عمر بنجلون، ثم هناك أولئك الذين لديهم علاقة باغتيال بنجلون. وقد اعتقل المنفذون منهم، وحوكموا، وحصل واحد منهم (إبراهيم كمال) على البراءة، فيما فر كل من مطيع و(عبد العزيز) النعماني إلى الخارج، بمساعدة من (عبد الكريم) الخطيب بدون شك». ويقول اليازغي «إن الملك استشارنا في 2004، بشأن ملف الذين سجنوا في قضية اغتيال بنجلون، وقلنا له إن موضوعهم لم يعد يشغلنا كثيرا بعد قضائهم نحو 28 عاما في السجن، وليس لدينا أية مشكلة في إطلاق سراحهم، فأمر حينها بالعفو عنهم». لكن، كما يستدرك اليازغي، بقيت قضية مطيع والنعماني مطروحة دوما، «بيد أن النعماني قُتل في الخارج في ظروف غامضة، ولم يقدم أي أحد أجوبة مقنعة عن مصيره، وبقي مطيع لوحده من أولئك الذين لديهم صلة مباشرة بمقتل عمر بنجلون». وبذلك يكون اليازغي أول قيادي بارز في الاتحاد الاشتراكي يتحدث علانية عن تسوية ملف أعضاء الشبيبة الإسلامية بواسطة التقادم، لكنه قال «إن حزب الاتحاد الاشتراكي لم يسكت عن تفاصيل هذه التسوية المعروضة من لدن وزارة العدل والحريات، وقد خصص صفحتين في جريدته كي يعلن موقفه من قضية تصفية جميع ملفات هذا التنظيم». للإشارة، عادت مجموعة جديدة من أعضاء الشبيبة الإسلامية قبل أسبوعين إلى المغرب، كانت موضع مذكرات بحث من لدن الشرطة المغربية بتهم تتعلق بإدخال السلاح من الجزائر والتآمر على النظام، عقب حذف أسمائهم جميعا من حاسوب الشرطة، وإغلاق ملفاتهم بسبب التقادم، وهي الطريقة التي تقرها وزارة العدل والحريات لتصفية تركة الشبيبة الإسلامية، فباستثناء مطيع وشخصين آخرين معه، فإن جميع أعضاء الشبيبة الموجودين في الخارج، قبلوا بهذه التسوية.