توجت حديثا بالرتبة الثالثة في مؤتمر الأبحاث الرياضية في نسخته ال95 بالولاياتالمتحدةالأمريكية. تحدث لنا عن المسار الدراسي الذي قطعته لبلوغ هذا التتويج؟ خضت مسارا دراسيا كأي شاب مغربي، انتقالا من المدرسة الابتدائية إلى الإعدادية ثم الثانوية، التي عانيت فيها الأمرين بسبب نقطة الامتحان الجهوي، وبعد حصولي على الباكلوريا تخصص علوم تجريبية سنة 2005، انتقلت إلى جامعة الحسن الثاني، تخصص علوم فيزيائية، وقضيت بها سبع سنوات عجاف، توجت بإجازة في العلوم الفيزيائية. بعد ذلك بدأت رحلة البحث عن العمل قادتني إلى إعطاء دروس الدعم للطلبة في مادة الرياضيات. هناك تفرغت للبحث في خبايا الرياضيات وتاريخها، فتأثرت بمجموعة من العلماء المسلمين الذين كان لهم السبق في وضع أسس هذا العلم: الخيام، البيروني وابن خلدون، وثابت بن قرة، الخوارزمي، الكاشي… وغيرهم، وقمت بتوسيع معارفي ومطالعة مجموعة من المراجع، لكن للأسف لم أجدها باللغة العربية، فدلني صديق على بعض المراجع المترجمة بالإنجليزية آنذاك. توجهت إلى دراسة الإنجليزية خصوصا أن تكويني كان فرنسيا محضا. كانت دراستي للغة الإنجليزية هي الباب الذي مكنني من الانفتاح على عالم آخر، كنت أجهله، ألا وهو عالم العلم والمعرفة، فكانت دراستي لتاريخ الرياضيات والوقوف على محطاتها عبر قرون شحنة إيجابية للإبحار في هذا المجال ومعرفة أسراره وخباياه. توقفت عن التفكير في طموحاتي كشاب، والمتمثلة في البحث عن العمل القار وتكوين أسرة، وقررت الرحيل إلى أمريكا لدراسة الرياضيات. وبتوفيق من الله، تأتى لي ذلك بالالتحاق ب«ريتشلاند كوليج» بولاية تكساس التي أدرس بها حاليا. المنافسة لها صبغة عالمية، هل كان إلى جانبك ممثلون عن المغرب أو عن دول عربية أخرى؟ كنت المغربي والعربي الوحيد المشارك في المنافسة. كما جرت العادة كل سنة، تنظم الجمعية الأمريكية للرياضيات مؤتمرا للرياضيات، بحضور ممثلي مختلف الجامعات والأساتذة والطلاب لعرض الأبحاث أمام لجنة تحكيم مكونة من متخصصين في مجال الرياضيات. ومن أهداف هذا المؤتمر السنوي، الذي يقام بمدينة «سان أنتونيو»، تشجيع الطاقات الشابة على البحث وخوض تجربة المنافسة في مجال العلوم، وتكوين شباب سيحملون مشعل علم الرياضيات الذي طالما كان سببا في تطور الأمم، وهذا ما نفتقر إليه في بلدنا الذي يضم الكثير من الطاقات الشابة التي لا تجد أرضا خصبة لتطوير قدراتها وأبحاثها. طيب، المسابقة لم تقتصر على المشاركين من الطلبة بل حتى الأساتذة كانوا حاضرين. كيف كانت أجواء المنافسة؟ امتدت المنافسة على مدى ثلاثة أيام، عرض فيها خمسة وثلاثون بحثا من مختلف الجامعات الأمريكية، ما بين سلك طلبة الماستر والإجازة، وكان أغلب الطلبة أمريكيين. الشيء الذي أثار انتباهي أثناء المنافسات هو التساوي بين الطلبة والأساتذة الذين توحدهم لغة واحدة هي لغة الأرقام، فلا فرق بين طالب وطالب إلا بالمجهودات والبحوث المقدمة، وأيضا تواضع الأساتذة من خلال طريقة تعاملهم مع الطلبة وكذلك هندامهم. والغريب أن أستاذا قدم بحثا بعنوان «العلاقة بين علم التكامل والزومبي»، وكان مرتديا بذلة حربية سوداء، ما أضفى على حديثه نوعا من الكوميديا والتشويق. هذا التتويج أهلك للمشاركة في تظاهرة ستحتضنها واشنطن في غشت المقبل. تحدث لنا عن هذه التظاهرة؟ صحيح، بحكم قيمة البحث الذي قدمته أنا وصديقي زادنا التتويج ثقة وعزيمة على إتمام البحث وتطويره حتى يُعترف به عالميا، وهذا ما سنسعى إليه في المؤتمر المقبل الذي سينظم بالعاصمة واشنطن. بعد كل هذا المسار الذي قطعته، هل تفكر في العودة إلى المغرب؟ بصراحة، لا أفكر في العودة إلى أرض الوطن. بعد انتهاء دراستي يلزمني اكتساب خبرات ومواصلة التكوين على أعلى المستويات حتى أعود وكلي طموح ويقين لإحداث تغيير بالمنظومة التعليمية بالمغرب. * سفيان بن حسن العبادي طالب مغربي في الولاياتالمتحدة الأمريكية