يتابع الباحث والكاتب الفلسطيني المعروف سلامة كيلة تحليلاته للمشهد السياسي بعد ثورات الربيع العربي. إذ بعد كتابه «الثورة السورية: واقعها، صيرورتها وآفاقها»، الصادر قبل ثلاث سنوات، ها هو يوسع منظوره إلى ما حدث في العالم العربي منذ سنة 2011 في كتاب الجديد «زمن الثورة: الأزمات والفرضيات الأولى». «لا أحد يراهن على الاستقرار قبل تحقيق مطالب الشعب، أو يراهن على توقف الثورة بعد أن تفجرت قبل أن يحقق الشعب مطالبه»، هكذا يستهل الكاتب الفلسطيني سلامة كيلة كتابه الجديد «زمن الثورة: الأزمات والفرضيات الأولى»، الذي صدر الأسبوع الماضي ضمن منشورات دار الهلال. إذ يرى أن الثورة الشعبية لا تعتبر حالة عابرة، أو سياقا عاديا، أو حركة محددة في المكان والزمان. بل يعتبر أن الثورة تمثل لحظة تفرض تحقيق التغيير بالضرورة، بغض النظر عن الزمن الذي يمكن أن يتحقق فيه ذلك. إلا أن الملفت للنظر في هذا الكتاب هو أن سلامة كيلة يقول إن الثورة العربية ستتواصل إلى أن تتحقق مطالب الشعب، على اعتبار أن الأساس الذي فرض الثورات، حسب قوله، لا يمكن أن يسمح بانطفاء جذوتها. وخلافا لما يراه كثيرون من أن الربيع العربي صار خريفا، وأن سدنة الأنظمة المنهارة رجعت بقوة إلى السلطة، مثلما حدث في مصر وتونس، فهو يؤكد أنه لا يمكن للوضع الحالي أو السابق أن يبقى قائما، دون حصول تغيير حقيقي. إذ يتنبأ هنا باندلاع ثورة جديدة، إذا لم يتحقق هذا التغيير. وقد حاول الكاتب الفلسطيني، الذي أصدر 40 كتابا حتى الآن، تحليل أحداث العالم العربي وتحولاته المتسارعة والمرتبكة في كثير من الأحيان، بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الانتفاضات الشعبية العربية، وسقوط رموز الأنظمة في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، واندلاع العنف والحروب الأهلية في ليبيا واليمن وسوريا على الخصوص، فضلا عن الانقلابات على بعض التجارب الديمقراطية الفتية، مثل الانقلاب الذي قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، عضو جماعة الإخوان المسلمين. في هذا السياق، يعتبر تحول «الربيع» إلى «خريف» أهم الخلاصات الأولية، حيث يعتبر أن الأمور باتت أكثر سوداوية وإحباطا، وانسد الأفق في وجه الثوار. هكذا، يورد الكاتب هنا بعض التعليقات إلى أن ما جرى لم يكن ثورة، بل «مؤامرة»، على اعتبار أن ثورة هذه «الدهماء» لم يكن بفعلها الذاتي نتيجة أزماتها، بل نتيجة تحكم القوى الغربية. كما يرى أنه «رغم مرور أكثر من أربع سنوات، فمازلنا نعيش «لحظة الارتداد»، والتي تبدو كذلك فقط.. هي لحظة الندب والعويل، والخوف من الأصولي والرعب من التغيير، ومن ثم القبول بعودة «الاستقرار»، الاستقرار فقط. فقد مسخت الأحلام، وتطايرت الأوهام، وظهرت حدود الواقع التي لم يرد هؤلاء وعيها». غير أن سلامة كيلة يحاول أن يفند هذه التعليقات التي تزرع اليأس وسوء الفهم في السكان. إذ يعتبر أن كل ما حدث حتى الآن من ثورات وثورات مضادة، ومظاهرات وتدخلات أمنية همجية، وحروب أهلية، ما هو في الحقيقة سوى مدخل إلى ما يسميه ب»المسار الثوري المستمر»، مع الإشارة إلى أن هذا المسار قد يطول أو يقصر، بحسب ما يمليه الوعي الجماعي.