بالموازاة مع مناقشة مجلس الأمن لملف الصحراء هذا الشهر، ظهر تقرير جديد يكشف حجم الأموال التي ترصدها السلطات المغربية للوبيات الأمريكية، بغرض الدفاع عن الموقف المغربي بالصحراء، واحتواء الآلة الجزائرية التي تحركها دولارات النفط والغاز المستخدم لتعزيز نفوذها الإقليمي، وتمرير أطروحاتها بشأن نزاع الصحراء لدى المشرعين الأمريكيين بالكونغرس. وتكمن أهمية اللوبيات الأمريكية في كون أكثر من 60 في المائة من المسؤولين الكبار السابقين، بوزارتي الخارجية والدفاع الأمريكية المتعاقبين في الحكومات الأمريكية، ينتمون إلى شبكات وجماعات الضغط المؤثرة على السياسة الخارجية والعلاقات الدولية الأمريكية. وكان التقرير الأخير للمنظمة غير الحكومية sunlight foundation لسنة 2013-2014، قد كشف أن المغرب أنفق على خدمات شبكات الضغط، المدافعة عن مصالحه وعن قضاياه الاستراتيجية، وبخاصة ملف الصحراء: 4.1 ملايين دولار (حوالي 4 ملايير سنتيم)، وأن المغرب ضمن ال«طوب 10» على قائمة الدول التي لا تتردد في اللجوء إلى جماعات الضغط الأمريكية، من أجل الدفاع عن سياسته الخارجية، بخصوص قضية الصحراء، والرد على الأطروحات التي تدافع عنها الجزائر من خلال لوبيات هوستن النفطية. وتصدرت هذا التصنيف العالمي الإمارات العربية المتحدة ب2،14 مليون دولار، متبوعة بألمانيا ب12 مليون دولار، ومن بعدها العربية السعودية وكندا ب2،11 مليون دولار. والمكسيك في المرتبة الخامسة ب1،6 ملايين دولار. والمغرب في المرتبة السادسة ب 1،4 ملايين دولار، بعيدا عن دولة الجزائر، التي لم تنفق سوى 420 ألفا و828 دولارا (حوالي 400 مليون سنتيم فقط)، حسب تقرير SUNLIGHT FOUNDATION. غير أن حكاية الجزائر مع جماعات الضغط الأمريكية تبقى قديمة، إذ تتحدث تقارير عن تمويلات بالملايير من الدولارات، التي تخصصها من أموال النفط لتمويل مكاتب الاستشارة والضغط المؤثرة داخل البيت الأبيض، والكونغرس، ومجلس الشيوخ، وكذلك داخل المقاولات المتعددة الجنسية النفطية، التي تتسابق للحصول على حصتها من النفط والغاز الجزائري. ويكشف تقرير هذه المؤسسة أن المغرب يتصدر ظاهريا دول المغرب العربي، والدول الإفريقية على مستوى الإنفاق على دبلوماسية شبكات الضغط الأمريكية. وكان الاقتصادي فؤاد عبد المومني، قد أوضح في دراسة، أنجزها في 2009، نقلا عن «الغارديان» البريطانية أن المغرب استعان بخدمات مكاتب الضغط الأمريكية للترويج والدفاع عن مخطط الحكم الذاتي الخاص بأقاليم الصحراء المغربية. وأن هذه الخدمة كلفته تسديد قرابة 300 مليون درهم (30 مليار سنتيم) آنذاك. وحسب عبد المومني، تأخذ دبلوماسية شبكات الضغط والتأثير الأمريكية في بعض الأحيان شكل شراكات وتحمل مصارف تنظيم مؤتمرات، أو مصاريف طوائف دينية، أو إشراك مؤسسات عمومية في نشاطات اللوبيينغ الاقتصادي، حتى وإن لم تكن مربحة. وكان المكتب الوطني المغربي للسياحة قد أنفق في 2014 أكثر من 900 ألف دولار (حوالي 800 مليون سنتيم) من أجل تمويل فتح مكتب له بالعاصمة الأمريكية، وتجديد خدمات مكتب بارتنر مقابل خدمات منجزة. ويقدر عبد المومني تكلفة النفقات الدبلوماسية، التي لها علاقة بملف الصحراء، في حوالي 7،0 في المائة من الناتج الداخلي الخام بما يمثل 4،4 مليار درهم.