نبه المفكر السوري عزمي بشارة، إلى ضرورة "اتخاذ المثقف لمسافة نقدية من العصبيات القائمة" سواء كانت قبلية أو طائفية مذهبية أو حتى حزبية إيديولوجية في أي مجتمع، للقيام بدوره النقدي، العقلاني والأخلاقي معا، مؤكدا أن هذه المسافة تحدد "خصوصية وظيفة المثقف"، وتميزه بدقة عن العالم الخبير من جهة، وعن الداعية السياسي أو الديني كذلك. وكان عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قد ألقى صباح اليوم، محاضرة حول "أدوار المثقفين في التحولات التاريخية"، في افتتاح أشغال المؤتمر الرابع للعلوم الاجتماعية والإنسانية في مراكش. المفكر السوري تحدث في كلمته الافتتاحية، عن نمطين سلوكيين للمثقف العربي تجاه الوضع العربي الراهن، التي تحولت فيه انتفاضات التغيير والثورات من أجل الحرية إلى حروب أهلية في الدول الهشة إما بسبب جماعاتها الأهلية القوية أو تسرب قوى متطرفة إليها. ومضى بشارة في حديثه، موضحا أن المثقف الذي اختار الدفاع عن الوضع القائم، مقتنع ضمنيا بالمسؤولية التي يتحملها من قاموا بمحاولة التغيير في نشوب الحروب الأهلية في بلدانهم، وبالتالي فإنه ينسحب من دوره الترشيدي العقلاني، ويغيب عنده التضامن مع تطلعات الشعوب لإنهاء حالة الظلم، وتجنب إدانة الحاكم بوصفه مسؤولا عن الفساد والعنف، مؤكدا على أنهم "يتهربون من مسؤولية الموقف، بتوجيه الاتهام إلى من تطلعوا إلى التغيير". أما النوع الثاني من المثقفين، فقد اعتبرهم بشارة بأنهم هم من "وقفوا مع الثورة ضد الاستبداد والفساد"، ويرون تبعا لذلك أن "الأنظمة التي تسد أفق التغيير وتلجأ للعنف" مسؤولة عن "تدهور الثورة"، وتحولها إلى "منزلقات الفوضى والعنف والتطرف"، منبها في الوقت نفسه بأن هذا النوع من المثقفين، يتبنون مواقف ناقصة على اعتبار أنه يكتفي بشرح اسباب التسيب والتطرف، دون أن يحمل الأفراد مسؤولية أفعالهم وأخطائهم كذلك".