تناول كثيرون نتائج (استطلاع الرأي) التي أجراها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حول العالم العربي وخصوصا ما يتعلق بالمغرب بكثير من الاحتفالية، مع انعدام تام للنقد، لأن التركيز على النتائج دون الاعتناء بالمنهجية وطرق الإنجاز بل بالمؤسسة نفسها، وإلا فإن القراءة ستكون مبتسرة، وسيتم تلقي النتائج كأنها صادرة من وحي منزل وليست أرقاما قد تكون صحيحة أو خاطئة أو حتى مفبركة لقضاء أغراض في نفس الدولة الراعية للمركز وهي نفسها الراعية للربيع العربي. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يترأسه عزمي بشارة وتموله قطر. لابد من معرفة كيف انتقل بشارة من موقع إلى آخر وعلاقته بقطر ودوره في خدمة المشروع القطري والمشروع الصهيوني في العالم العربي. فعزمي بشارة، الذي أصبح اليوم نجم الفضائيات ويعطي الدروس في الثورات ويصدر الاستطلاعات حول الدول والشعوب، كان ينتمي للحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكاح)، وسبق للروائي الكبير إميل حبيبي أن شتمه أمام مرأى ومسمع الجميع، ولأن الانتماء إلى هذا الحزب لا يحقق أغراض الشين بيت (المخابرات الإسرائيلية) فقد انتقل عزمي إلى القومية العربية والناصرية، ولم يجد حرجا في تبني التوجه العروبي وأن يكون برلمانيا في كنيسيت الدولة الغاصبة للأرض العربية. التحولات التي طرأت على عزمي بشارة لم تكن مفهومة في حينها ولكن كل المؤشرات كانت تشير إلى دور سيلعبه في المستقبل، وخرج من إسرائيل وطرح نفسه قوميا، ومنفيا لا يستطيع العودة، لكنه لم يختر الإقامة في سوريا أو بيروت أو حتى الأردن، التي تعرف حركة قومية قوية، لكنه فضل الذهاب إلى قطر. من عاصمة الفوضى العربية بدأ في نشر أفكاره وأطروحاته، وكل شيء يمكن شراؤه بالمال، فهو اليوم يحتضن العديد من المثقفين والمفكرين والفنانين ورجالات الرأي من خلال تعويضات مهمة عبر المركز المذكور أو عبر وسائل الإعلام التي يدير ويوجه. هذا هو عزمي، الشيوعي ثم القومي الخادم اليوم لمشروع الإسلام السياسي رغم أنه ليس بمدقوره دينيا الانتماء لحركة إسلامية، وهذه هي الدولة التي احتضنته، في إطار مشروع بدأ التهييء له منذ 20 سنة. لا يمكن لمركز تمويله من قطر وإدارته من قطر أن يكون ذا مصداقية. لأن هذا البلد لم يدخل المرحلة الابتدائية في الديمقراطية حيث لا توجد فيها بلديات منتخبة، ولا يوجد فيه برلمان، وبلد بعيد تمام البعد عن الحريات، حيث تم الحكم على شاعر بالسجن المؤبد لأنه نظم قصيدة نقدية. فقطر التي تريد أن تستطلع آراء المواطن العربي عليها أولا أن تستطلع آراء شعبها، تم آراء العرب في مخططها الجهنمي الرامي إلى تفتيت الدول العربية. أليست قطر هي الراعي الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية؟ أليست هي من يمول جبهة النصرة وهي من مولت داعش قبل أن تنخرط في الحرب ضدها؟ أليست مسؤولة عن الفوضى في العالم العربي؟ لماذا لا تكون أرقامها تسير في هذا الاتجاه؟