قرّرت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، أول أمس الخميس، استدعاء خمسة شهود في ملف اتهام ناشطين ينتميان إلى حركة 20 فبراير، بتهم ثقيلة تتعلق ب» محاولة القتل في حق رجال الأمن، وإهانة موظفين عموميين أثناء مزاولتهم لمهامهم، وتعييب وتخريب منشآت عامة وممتلكات خاصة»، على خلفية مشاركتهما في المسيرة التي نظمتها الحركة في مراكش، بتاريخ 20 فبراير من سنة 2011، التي كانت أعقبتها أحداث شغب تعرضت خلالها منشآت عمومية وخاصة للتخريب. وقد حدّدت المحكمة 12 مارس المقبل تاريخا للجلسة القادمة، التي من المقرّر أن يتم الاستماع خلالها إلى الشهود المذكورين، الذين أكدت مصادر متابعة للقضية بأنهم نفوا، خلال الاستماع إلى إفاداتهم في مرحلتي الاستنطاقين التمهيدي والتفصيلي أمام قاضي التحقيق بالاستئنافية نفسها، (نفوا) علاقة المتهمين بالملف، مؤكدين عدم اقترافهما للتهم الثقيلة التي يُتابعون بها. هذا، وقد رفضت الغرفة الاستجابة لملتمس تقدم به دفاع الناشطين الفبرايريين من أجل تمتيعهما بالسراح المؤقت، ومحاكمتهما في حالة سراح، قبل أن يعلن بعض المحامين مؤازرتهم للمتهمين، ويطالبوا بإرجاء الجلسة من أجل الإطلاع على الملف وإعداد الدفاع. وحسب المصادر نفسها، فمن المقرّر أن يتقدم الدفاع، خلال الجلسة المقبلة، بدفع في الموضوع والشكل، يتعلق باستبعاد محاضر الضابطة القضائية، التي تمّت على أساسها متابعة المتهمين بجنايات ثقيلة، التي تعود إلى أكثر من أربع سنوات. ويستغرب دفاع المتهمين كيف تتم المتابعة بناءً على أقوال المصرحين في محاضر الضابطة القضائية التي جرّت الناشطين إلى المحاكمة في حالة اعتقال، بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الأفعال المنسوبة إليهم، علما أن المصرحين الخمسة أنفسهم سبق لهم أن تعرّضوا للاعتقال والإدانة في نفس الأحداث، قبل أن يصرحوا أمام قاضي التحقيق أن المتهمين كانا من منظمي التظاهرة السلمية، ولا علاقة لهما بأحداث الشغب التي وقعت عندما شارفت المسيرة على نهايتها، التي قالوا إنها من اقتراف بعض من سمّوهم ب» العناصر المشبوهة والدخيلة من البلطجية وذوي السوابق». يذكر أن دفاع المجموعة الأولى من الناشطين الفبرايريين الذين تم اعتقالهم، في وقت سابق، على خلفية الأحداث نفسها، سبق له أن تقدّم بالعديد من الدفوعات الشكلية التي طعنت في المحاضر المنجزة من قبل الضابطة القضائية، معتبرا أنها باطلة بقوة القانون، لانتفاء مجموعة من الضوابط القانونية التي يشترطها قانون المسطرة الجنائية، كعدم إشعار عائلات وأسر الطلبة المعتقلين، وانتزاع التصريحات بالإكراه، وإجبارهم على توقيعها قسرا. واعتبر الدفاع أن هذه المحاضر لم يتم إنجازها من لدن الشرطة القضائية، بل اعتبرها موضوعة من قبل أجهزة تابعة للاستخبارات، حيث خصصت العديد من صفحاتها لاستنطاق الطلبة حول انتماءاتهم السياسية والنقابية، التي تدخل في نطاق الحريات المنصوص عليها الدستور باعتباره أسمى القوانين. وطعن الدفاع أيضا في محاضر الضابطة القضائية، مؤكدا أنها لا تساير التوجهات الرسمية التي ترفع شعار الإنصاف والمصالحة. ولفت الدفاع خلال المحاكمة إلى أن الطلبة بدت عليهم آثار التعرّض لاعتداءات جسدية أثناء فترة توقيفهم خلال الحراسة النظرية، مشيرا إلى أنه تم اقتيادهم معصوبي العيون، معتبرا ذلك أنه يذكر بعهود مظلمة من تاريخ المغرب، كان الاعتقاد السائد أنها ولت إلى غير رجعة، لافتا إلى أن جيوب مقاومة التغيير الديمقراطي ينسفون الجهود التي يقوم بها الملك للاستجابة لمطالب شباب شعبه. وكان العديد من الحقوقيين نظموا وقفات تضامنية مع الناشطين المعتقلين رفعوا خلالها شعارات تدعو إلى إطلاق سراحهما، وينددون بما يعتبرونه «ازدواجية في الخطاب الرسمي الذي يعلن تبنيه لسياسة الانفتاح على الآراء المعارضة، بينما يتم اعتقال الأصوات الحرة الداعية إلى إقرار دستور تنبع فيه السلطات من الإرادة الشعبية، وإلى استقلال القضاء، ومحاسبة المسؤولين عن نهب المال العام والمتورطين في ملفات الفساد المالي، التي مازالت حبيسة رفوف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، واستئنافية مراكش، والمجلس الجهوي للحسابات، ورفع التغطية التي تحاول بعض الجهات ممارستها لإفلاتهم من العقاب».