«بناءً على معاينة اللجنة المحلية المختلطة للبناية الكائنة بمركز المدينة قرب مجمع الصناعة التقليدية بابن جرير، المقترحة كمؤسسة للتعليم الخصوصي، نشهد بأنها تستوفي جميع الشروط الصحية الضرورية، وأنها لا تشكل خطرا على سلامة تلاميذ المؤسسة، وتوجد في مكان ملائم بعيد عن السكان. وقد سلمت هذه الشهادة للمعني بالأمر بطلب منه للإدلاء بها عند الحاجة»..هذا هو مضمون الشهادة الإدارية الصادرة، بتاريخ 23 نونبر من سنة 2011، عن الزوهرة الغندور، النائبة الرابعة لرئيس مجلس بلدية ابن جرير، المنتمية إلى حزب الأصالة والمعاصرة، التي جرّتها إلى المتابعة القضائية، أمام ابتدائية ابن جرير بتهمة «صنع شهادة إدارية تتضمن بيانات ومعلومات تعلم عدم صحتها»، وهو الملف الذي من المقرّر أن ينطق فيه القاضي محمد أمين الجابري بالحكم غدا الأربعاء، بعد أن كان حجزه للتأمل في جلسة سابقة. وتعود تفاصيل القضية إلى بداية سنة 2012، حين تقدم خمسة مستشارين ينتمون إلى المعارضة بالمجلس المذكور، اثنان منهما التحقا مؤخرا بالحزب نفسه الذي تنتسب إليه المتهمة، بشكاية إلى القضاء يتهمون فيها نائبة الرئيس، المفوض إليها تدبير الشرطة الإدارية، بإصدار شهادة إدارية تتضمن معطيات غير صحيحة، وهو الفعل الجرمي المنصوص عليه وعلى عقوبته في الفصل 353 من القانون الجنائي. المشتكون قالوا إن المتهمة ضربت عرض الحائط بالتقرير الصّادم الذي سبق للجنة إقليمية مختلطة أن أعدته بتاريخ 21 يونيو من سنة 2011، إثر معاينة أجرتها على المؤسسة، بناء على طلب من عامل إقليم الرحامنة، الذي خلصت فيه اللجنة المختلطة، التي ترأسها القائد الرئيس السابق للملحقة الإدارية الأولى، المكونة من تسعة أعضاء يمثلون كافة المصالح المختصة، بما فيها المصلحة التقنية ببلدية ابن جرير، (خلصت) إلى المطالبة بتوقيف الأشغال وإغلاق المؤسسة المذكورة بسبب انتفاء شروط السلامة بها، ذلك أن قاعات الدراسة تتراوح مساحتها بالكاد بين 15 و20 مترا مربعا، وتتوفر فقط على أربعة مراحيض مختلطة لا يوجد فيها عازل بين الذكور والإناث، بل إن اثنين منها لا يتوفران على الأبواب. كما تعاني المؤسسة، وفق تقرير اللجنة، من نقص في التهوية، وجدرانها تظهر عليها الرطوبة، وتجهيزاتها متلاشية. ووضع المشتكون بين يدي المحكمة تقريرا سبق للنائب الإقليمي الحالي لوزارة التربية الوطنية أن رفعه إلى عامل الرحامنة، بتاريخ 11 ماي من سنة 2011، طلب فيه إغلاق المؤسسة، موضحا أن مقرها يخالف قوانين التعمير، ومقتضيات دفتر التحملات المعتمد في الترخيص بفتح أو توسيع أو إجراء أي تغيير على مؤسسات التعليم الخصوصي. هذا، وقد راسل صاحب المؤسسة عامل الإقليم من أجل إعادة معاينة البناية، إذ حلت لجنة إقليمية مختلطة ثانية، وسجلت نفس الملاحظات السابقة، فضلا عن معاينتها لبناء طابق ثان دون ترخيص أو تصميم، وهو ما جعلها ترفض الترخيص للمؤسسة، وتوصي بإغلاقها وبوقف أشغال البناء. المشتكون أكدوا أن نائبة الرئيس لم تعر أي اهتمام للمحاضر الرسمية السابقة، وأصرّت على منح شهادة إدارية لصاحب البناية، رخصت له بمقتضاها باستغلالها كمؤسسة تعليمية خصوصية، بناء على محضر لجنة المعاينة التي زعمت بأن البناية تستجيب للشروط والمعايير القانونية، وهي المعلومات المخالفة للمحضرين الصادرين عن اللجنة الإقليمية المختلطة. وقد لفت محامي المشتكين إلى أن موكليه لم يتم استدعاؤهم طيلة أطوار المحاكمة، مسجلا في الوقت نفسه تخلف المتهمة عن حضور الجلسات، وعدم استجابتها لاستدعاءات المحكمة، مكتفية فقط بحضور الجلسة الأخيرة. في المقابل، أدلت نائبة الرئيس أمام المحكمة بمحضر اللجنة المحلية المختلطة، التي قالت إنها استندت إليه في إصدار الشهادة، موضحة أن رفضها الترخيص كان سيعرضها للمساءلة القانونية. وأضافت أن محاضر اللجنة الإقليمية تحمل العديد من المغالطات والتناقضات، معتبرة أن مجال تدخل اللجنة ينحصر في قطاع التعمير، ولا يشمل مجال الشرطة الإدارية. ونفت المتهمة توصلها بأي استدعاء سابق لحضور الجلسات، لافتة إلى أنه سبق لها أن أدلت أمام الضابطة القضائية بالوثائق التي قالت إنها تؤكد قانونية الشهادة الإدارية.