سرعان ما تحول السؤال الجوهري حول وجود نفط أو غاز في المغرب، إلى تشكيك في قدرة الشركات التي حصلت على رخص التنقيب في القيام بهذه الأعمال. بعض هذه الشركات تعاني من أزمة سيولة، وأخرى تدحرج سهمها في البورصة لأدنى مستوياته في السنتين الأخيرتين. وتطرح في هذا السياق، مشكلة وجود مقدرات مالية لدى شركات التنقيب في المغرب لمواكبة تكاليف الحفر وسط نسب احتمالية ضعيفة للعثور على نفط أو غاز بكمية ذات قيمة. في هذا الحوار، تقدم، أمينة بنخضرا، مديرة المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن، تقييمها لعمل شركات التنقيب على النفط والغاز في المغرب. { ما هو تقييم المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن لأداء الشركات العاملة في التنقيب عن النفط والغاز في المغرب؟ إن عملية الاستكشاف معقدة بشكل كبير، إذ تتطلب استثمارات هائلة، كما تتصف بالمجازفة وطول الأمد. وبفضل نجاعة الحملات التنموية المسطرة، وعامل التحفيزات المدرج في قانون الهيدروكاربورات، استطاع المكتب جلب عدة شركات للاستكشاف ببلادنا، إذ يبلغ عددها حاليا 34 شركة. ووصل عدد عقود الشراكة الموقعة حاليا ما يناهز 130 رخصة استكشافية (90 بحرية و40 برية)، زائد 5 رخص استطلاعية (3 بحرية و2 برية). وتهم الدراسات إنجاز دراسات جيولوجية وجيوكيميائية، إضافة إلى إجراء دراسات التسجيل والتحليل، ثم التأويل للعمليات الجيوفيزيائية كالجاذبية المغناطيسية والمسح الاهتزازي ثنائي وثلاثي الأبعاد (Sismique 2D et 3D). ولقد أثبتت الدراسات السابقة إلى حد الآن، عن بعض المؤشرات في جهات معينة، حيث تتطلب تكثيف التنقيب من أجل القيام بدراسات جيولوجية وجيوفيزيائية متطورة وجد مدققة قبل المرور إلى عملية الحفر لتثمين التطلعات والتخمينات السالفة الذكر. { وكم تقدمت هذه الشركات في أعمال الحفر مقارنة مع الجدولة الزمنية للرخص؟ إلى حدود اليوم، تم حفر ما يناهز 324 بئرا استكشافية «Puits d'Exploration»، ومعظم هذه الآبار أنجزت بأحواض الغرب، ما قبل الريف «Périf»والصويرة، ويدل هذا الرقم على أن الأحواض المغربية لازالت غير مستكشفة بنسبة مقبولة وكافية إذا اعتبرنا المساحة الإجمالية للأحواض الرسوبية المغربية تناهز 000 900 كلم2. وقد قام شركاؤنا خلال السنوات الأخيرة بإنجاز ما مجموعه 88400 كلم من المقاطع الاهتزازية الثنائية البعد ،( Sismique 2D) و45790 كلم2 من المقاطع الاهتزازية الثلاثية البعد (Sismique 3D) ما بين سنة 2000 و2014، والتي أبانت معطياتها عن وجود أنظمة هيدروكاربوراتية مشجعة. وتجدر الإشارة إلى أنه خلال المرحلة نفسها، تم حفر مجموعة من الآبار، سواء في البحر أو في اليابسة، أبانت بعضها عن نتائج إيجابية، وخصوصا بكل من أحواض الغرب والصويرة وتندرارة. ففي منطقة الغرب قامت شركة «سيركل أويل ماروك ليميتد»»Circle Oil» بإنجاز عدة آبار برخصة سبو، كللت عدد منها بالنجاح وأدت إلى اكتشاف كميات متواضعة من الغاز الطبيعي. كما أنها تستعد لحفر آبار أخرى خلال السنة الحالية. ومن جهة أخرى، بدأت عملية الإنتاج بعدة آبار في المنطقة المعنية بهذا الاكتشاف الأخير، إذ تم ربطها بشبكة أنبوب الغاز الموجودة بالمنطقة. وتتواصل الاستعدادات لانطلاق عملية الإنتاج بآبار أخرى. ولقد تم القيام، أيضا، خلال السنوات الماضية ببعض الاكتشافات بمنطقة الغرب البرية من طرف شركة «كابر»، التي اشترتها فيما بعد شركة «ݣولف ساندس» (Gulfsands)، التي قامت ما بين سنتي 2013 و 2014، بإنجاز مقاطع اهتزازية ثلاثية الأبعاد (Sismique 3D) ، والتي أبانت تأويلاتها عن وجود مؤشرات إيجابية مما دفع بهذه الشركة إلى برمجة، وإنجاز بعض الآبار أبان بعضها عن وجود احتياطي من الغاز بكميات متواضعة. وتجدر الإشارة أيضا، إلى أن الاستكشافات لازالت مستمرة من طرف المكتب وشركائه «سيركل أويل»Circle Oil و»ݣولف ساندس» Gulfsands لاستكشاف جيوب جديدة للغاز الطبيعي البيوجيني بهذه المنطقة. وفيما يخص الواجهة الشمالية الغربية للمحيط الأطلسي، فإن شركة «ريبسول»Repsol قامت بحفر أول بئر سنة 2009 برخصة طنجة – العرائش، حيث تم كذلك اكتشاف كميات من الغاز البيوجيني. ويعد هذا أول اكتشاف من نوعه في هذه المنطقة، والتي تكون امتدادا للطبقات الرسوبية المستكشفة نفسها بحوض الغرب في اليابسة. وتعتبر هذه النتائج مؤشرا إيجابيا بفتح آفاق جديدة للتنقيب عن النفط والغاز بهذه المنطقة البحرية. كما تم اكتشاف كمية من الغاز من طرف شركة «م. ب. إي» MPE، بعد حفر بئرين في منطقة تندرارة بالمغرب الشرقي. أما بالنسبة إلى أعالي المحيط الأطلسي، فلقد تم في سنة 2014 حفر 5 آبار من طرف شركاء المكتب أبان اثنان منها عن وجود هيدروكاربورات من النوع الثقيل، وواحدة أظهرت عن وجود مؤشرات غازية. وإلى حد الآن، فالمكتب وشركاؤه يقومون بإنتاج الغاز في حوض الغرب، حيث يتم تزويد معمل إنتاج الورقCMCP ، وشركتي Super Cerame و Keyes Cemokبكميات الغاز التي يحتاجونها. أما إنتاج حوض الصويرة، فالمكتب يتكلف باستغلاله لتزويد المكتب الشريف للفوسفاط .OCP { وأين وصل الأمر بخصوص الصخور النفطية؟ وفي ما يتعلق بالصخور النفطية، فإن المغرب يتوفر على احتياطات مهمة (الرتبة 6 عالميا) بكل من منطقة تمحضيت وطرفاية وطنجة، والتي كانت موضوع العديد من الدراسات والأبحاث الجيولوجية والمخبرية والتجريبية. وعمل المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن على وضع استراتيجية جديدة. وفي هذا الإطار، قام المكتب بإبرام اتفاقيات مع شركات عالمية رائدة في تطوير مشاريع الصخور النفطية عبر القيام بدراسات ميدانية متخصصة. وقد وصلت بعض هذه المشاريع مرحلة دراسة الجدوى الأولية، والبعض الأخر لازال في مستوى الاختبار التجريبي، وفي هذا السياق، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن المشاريع الخاصة بالصخور النفطية تواجه تحديات تكنولوجية، كما أن التقنيات الصناعية لازالت غير كافية، هذا فضلا عن أن هذا النوع من المشاريع يتطلب استثمارات مالية كبيرة ومدة زمنية طويلة. { هل يسبق تسليم رخصة تنقيب إلى شركة أجنبية دراسة حول خلفياتها الاقتصادية وأعمالها المرجعية؟ إذا نظرنا إلى الشركات التي تعاقد معها المكتب في هذا المجال، فسنجد من بينها شركات عظمى مثل «ب، ب» BP، «طوطال» total و»شوفرون»Chevron ، وشركات أخرى مستقلة ومتوسطة نظير، Repsol، Kosmos،Woodside ، Genel وغيرها، إضافة إلى شركات صغيرة ک»سيركل أويل» «Circle Oil، و»ݣولف ساندس» Gulfsands و. Chariot.ولكل هذه الشركات خبرة كبيرة في مجال التنقيب عن الهيدروكاربورات، كما أنها توجد في دول أخرى غير المغرب. ويقوم المكتب بصفة دائمة بعدة تحريات وتقصي كامل للوقوف على الإمكانيات التقنية والمادية لأية شركة قبل التوقيع معها على أية اتفاقية. { فوتت بعض الشركات حصصا من رخصتها بعد موافقة الحكومة على ذلك، إلى شركات أخرى.. كيف يمكن تفسير هذه العملية، وماذا تربح الدولة من ورائها؟ من المعلوم أن عمليات التنقيب عن الهيدروكاربورات جد مكلفة ومحفوفة بالمجازفة، كما سبق الذكر، إذ تتطلب نفسا طويلا، وإمكانيات ضخمة. ولهذا، فإنه من الطبيعي، وفي مرحلة معينة من التنقيب، أن تلجأ بعض الشركات إلى تفويت قسط من حصصها لشركات أخرى قصد مشاركتها في كلفة إنجاز المشاريع المبرمجة، والتخفيف من عامل المخاطرة. وهذا إجراء يتم العمل به من طرف الشركات الكبرى والصغرى في جميع بقاع العالم. وبالنسبة إلى المكتب الذي يمثل الدولة، فالربح الكبير يبقى ضمان التسريع في وتيرة إنجاز مشاريع التنقيب. { تعاني شركات تعمل على التنقيب بالمغرب من ضائقة مالية، وبعضها سهمها هبط إلى أدنى مستوى له في العام الأخير.. هل يؤثر ذلك على أعمالها بالمغرب؟ إن انخفاض ثمن البترول قد أثر لا محالة على نتائج الشركات البترولية، مما قد يدفعها إلى خفض ميزانية التنقيب والاستكشاف. ولكن باعتبار أن ثمن البترول جد متقلب، فهذه الشركات تعلم أن هذه الوضعية مؤقتة ولن تستمر كثيرا. وهذا لن يكون له سوى تأثير محدود على أنشطة الاستكشاف سواء في البر أو البحر. واعتبارا لطول الدورة الاستكشافية للبترول، فإن تقليص الاستثمار من طرف بعض الشركات في مجال الاستكشاف يبقى محدود الأثر. كما أن هذه المسألة لها علاقة باستراتيجية كل شركة على حدة، وتخص جميع الدول التي يتم التنقيب بها عن الهيدروكاربورات. { بعض الشركات تعلن عن أنباء باكتشاف النفط أو الغاز، ربما فقط، للتأثير على قيمة أسهمها في البورصة.. كيف تتعاملون مع هذه الإعلانات المتكررة؟ يجب أن نشير إلى أن بعضا من شركائنا، المتداولة أسهمهم في البورصة، مطلوب منهم التواصل مع المساهمين، أي حاملي السندات بانتظام حول تقدم أشغالهم والنتائج المرتقبة بكل شفافية، ولهذا، فمن واجبها الإعلان عن جميع النتائج المحصل عليها، والتي تشمل الموارد المحتملة، وليس الاحتياطات المؤكدة في انتظار انتهاء الأشغال بصفة نهائية، وهذا شيء تقوم به جميع الشركات النفطية العالمية لغرض إخباري وتواصلي. أما بخصوص تعاملنا مع هذه الإعلانات، فهذه الأخيرة قد يكون لها في بعض الأحايين تأثير على الرأي العام، إذ يقع بعض الخلط في تناول المعلومات، وبالتالي، تفاديا لهذه الوضعية يعتمد المكتب على استراتيجية التواصل، ونشر المعلومات في الوقت المناسب، حول سير عمليات التنقيب عن الهيدروكاربورات في بلادنا.