الخوف من الله هو ما جعل عمر الفاروق يقول قولته الشهيرة " والله لو أن شاة تعثرت في العراق لخفت أن يسألني الله عنها لمَ لمْ تعبد لها الطريق " وسيكون من العبث أن أدخُل في تفاصيل مقارنة أشياء لا تقارن، كخوف عمر الذي تحمل مسؤولية رسم معالم دولة المسلمين، وأقارنه ب "خوف" مسؤولينا في الوزارات المعنية و المسؤولة من قريب أو بعيد عن فاجعة كلميم وارزازات و النواحي بعد التسليم طبعا بالقضاء والقدر، تبقى المقارنة صعبة جداَ، لكن على الأقل تأخذ منها العبر ! عُمر خاف من الله بسبب " تعثر شاة " وهنا فوق ركح هذا الوطن لا يخاف المسؤولين الله من موت البشر بالجملة في حصيلة ثقيلة وغير نهائية، القتل للتذكير أقوى من بكثير من تعثر شاة عمر ..
القتل الرخيص دون أي دفع مسبق باشتراك في ثورة ولا تمرد و لا عصيان، بل قتل سببه الإهمال والنسيان وممارسة سياسة النعامة ووضع الرأس في التراب، في حق جهة منسية من الوطن في حديقته الخلفية هناك في المغرب العميق حيث لا شيء ينفع !
مقارنة قاسية وغير عادلة و منصفة بين الاهتمام بطرق والقناطر وشوارع الشمال و القرب من أوربا وجلب الاستثمارات وبين جنوب يسوق للموت الرخيص على طرقاته و القرب من اللاّ جدوى و اللاّ نفع.. نعرف الجميع جيدا أن المناطق التي يجد فيها المسؤولين المحليين وسماسرة العقار في المغرب مصالحهم هي التي يتم الاعتناء ببنياتها التحتية أما الأخرى غير النافعة فلها الله. لكن أتجاوز الأمر لأقف فقط عند صور الجثامين وهي تنقل على متن شاحنات المخصصة لجمع النفايات أعزكم الله، صور صادمة مبكية، قالت لنا الكثير ومن بين ما قالت: أننا مواطنون نعيش عيشة الذبابة في قمامة زبالة تُسير شؤوننا حكومة زبالة وينوب عنا "زبّالين" بدرجة نواب، ولا قدر الله وكنا ضحايا كارثة ستنقل جثاميننا على متن شاحنة زبالة في المقابل تعطى أولوية إنقاذ أرواح سياح بلدنا "الميامين" بسهولة والذين يساهمون في الوصول إلى عشرة آلاف مليون سائح ! كلميم، وارزازات، تيشكا.. مناطق تُدون من جديد للجرح المغربي العميق، وأضعف الإيمان استقالة رمزية المعنى، تفتح باب الأمل في مغرب يعرف مسؤوليه تحرك شعور داخلي لديهم و لا يجعل العديد منا يفكر في تركه وراء ظهره في اتجاه بلدان أخرى، شعور يدعى تأنيب الضميرإلى حين إمكانية زرع خوف اصطناعي بداخلهم أو كما يخاف عمر من الله من تعثر شاة في العراق !