لم يكن يتوقع 16 عاملا، من العمال المغاربة الذين يشتغلون بالجارة الشرقية "الجزائر"، أن نهاية سنة كاملة من العمل المضني ستنتهي بتلك الطريقة "الصادمة"، ففي طريق عودتهم أمس الثلاثاء إلى أرض الوطن، عن طريق مدينة مغنية المتاخمة للحدود اعترضتهم في حدود منتصف الليل دورية عسكرية تتكون من عدة عناصر من حرس الحدود، قبل أن ينطلق مسلسل من الضرب والتفتيش لم ينتهي إلا بعد سلبهم كل ممتلكاتهم. العمال الذين عقدوا مساء اليوم الأربعاء 24 شتنبر "جلسة" للإدلاء بشهداتهم، بمقر "جمعية الوفاء للتنمية الاجتماعية"، بجماعة أهل أنكاد (الشريط الحدودي)، كشفوا عن معطيات صادمة، حول ما تعرضوا له على يد العسكر الجزائري. في هذا الساق يقول أحدهم وهو عامل جبس ينحدر من مدينة تازة أن 12 من العسكر الجزائري اعترضوا طريقهم عندما كانوا في اتجاه العودة إلى أرض الوطن بطريقة غير شرعية، "لقد أجبرونا على تسليم كل شي، وهذه الكدمات التي تظهر على أنفي، نتيجة ضربة تلقيتها من قائد المجموعة الذي وجهها إلي بواسطة حذائه الثقيل" يقول نفس المتحدث، قبل أن يسترسل في شهادته ويؤكد: "منا من لم يرى أهله منذ سنة، وفي نهاية المطاف عندما قررنا العودة إلى أرض الوطن لنحتفل بالعيد، تعرضنا للإهانة والتعنيف وسلبت أموالنا وممتلكاتنا". عامل أخر يسرد وقائع الساعات العصيبة التي قضوها في ضيافة حرس الحدود الجزائري وأثر التأثر بادية عليه: "كنا في البداية 23 عاملا التقينا بمدينة مغنية، وقررنا التوجه على أرجلنا صوب الحدود، قبل أن نقع نحن ال16 في قبضة السلطات الجزائرية، فيما السبعة الباقون تمكنوا من الفرار". وعن الشتائم التي كان يوجهها إليهم عناصر الحرس الجزائري، يؤكد نفس المتحدث أنهم كانوا طوال الوقت يرددون "بأننا نحن المغاربة نقوم بتهريب الحشيش في اتجاه بلدهم"، وأننا شعب "لا يعرف إلا الركوع"، بالإضافة إلى الكلام النابي والساقط. العمال قدروا الأموال التي استولى عليها حرس الحدود الجزائري، بحوالي 100 مليون سنتيم جزائري، أي ما يعادل 10 ملايين سنتيم مغربي، دون احتساب قيمة الهواتف النقالة التي سلبت منهم، حيث قدر أحدهم قيمتها مجتمعة بحوالي 4 ملايين سنيم مغربية، "سلبوا أموالنا، مع العلم أننا عملنا لدى العشرات من العسكريين والدركيين ورجال الشرطة والمسؤولين الحكوميين، في منازلهم، وأتقنا العمل لصالحهم، هذا هو جزاءنا في نهاية المطاف" يضيف نفس المصدر. من جانبه الناشط الحقوقي والباحث في شؤون الهجرة، حسن عماري، الذي تابع أطوار جلسة الاستماع هذه، أكد أنه من خلال الشهادات التلقائية، التي أدلى بها العمال يتبيّن أن كرامتهم "مست في الصميم"، وأن التعامل الذي سلكته معهم السلطات الجزائرية "لا يليق بدولة تدعي احترام حقوق الإنسان". عماري أكد في تصريح ل"اليوم24″ أن السلطات الجزائرية عند القبض على هؤلاء العمال، كان حري بها تسليمهم إلى السلطات المغربية، وما يؤزم من وضعة "الضحايا"، وفق نفس المصدر هو أن ما تعرضوا له يأتي قبل عيد الأضحى بأيام فقط. عماري دعا السلطات المغربية إلى التدخل بقوة لدى السلطات الجزائرية، لطلب توضيحات في ما تعرض له هؤلاء العمال، خاصة وأن الأمر "يتعلق بشريحة تقدم خدمات جليلة للجزائريين". في هذا السياق علمت "اليوم24″ أن والي الجهة الشرقية محمد مهيدية، ترأس اجتماعا أمنيا بمقر قيادة أهل أنكاد غير بعيد عن المكان الذي أدلى فيه العمال بشهاداتهم، وذلك للوقوف على حيثيات هذا الحادث، وأشارت مصادر مطلعة أن السلطات المغربية متخوفة من تكرار مثل هذا الحادث، خاصة في هذه الفترة التي تشهد عودة قوية للعمال المغاربة بالجزائر، لقضاء عطلة العيد مع ذويهم.