في هذا الحوار تتحدث المطربة المغربية عزيزة ملاك التي اشتهرت في التسعينات بأغنيتها «كثير ما قالو» أغاني مختلفة، بينها أعمال وطنية، عن تهميش فناني الأغنية العصرية، وعن جديدها الذي لم تتوقف عن إصداره وعن مشروع الملحمة التي كانت تستعد لها قبل إلغائها بوفاة عمة الملك بعد شهرة التسعينات اختفتيت عن الأضواء، أين هذا الغياب؟ لم أغب يوما، ولدي أعمال كثيرة، نشرتها على «الأنترنيت»، عبارة عن ثماني أغان منفردة. آخرها صدرت قبل شهرين، وسأخرجها جميعا في «ألبوم» سيحمل عنوان: «الدنيا غدارة». ويضم «الألبوم» أغنيتين من ألحان الفنان عبد الله عصامي، كتب كلماتها الأولى، وهي تحت عنوان «عد لي يا حبيبي»، عمر السلباني، والثانية «على خاطرك»، من كلمات الوافي فؤاد، وأغنيتين تحت عنوان: «درهم واحد»، و «يامحيرني»، من كلمات وألحان رشيد القباج، وأغنية من ألحان شكيب العاصمي، تحت عنوان: «سامحتك»، من كلمات الوافي فؤاد، بالإضافة إلى أغنية: «الدنيا غدارة». هل تعاملت مع شركة إنتاج في هذه الأعمال؟ لا، فأغاني الأخيرة جميعها أنتجها من مالي الخاص. لا وجود لشركات ترغب في ذلك. والأسوأ من ذلك، أن هذه الأغاني لا تصل إلى الجمهور، وحتى المهرجانات التي يمكنها أن تجدد لقاءنا بهذا الجمهور، مثلا، تستقطب وجوها غير معروفة، في الوقت الذي نغيب فيه نحن. وآخر حفل أحييته كان ضمن مهرجان «موازين»، قبل أكثر من ست سنوات، اشتغلت خلالها على تقديم الجديد. ألا تعتقدين أن عدم مناداة المهرجانات عليك مردها إلى تقصير منك في تقديم الجديد، أو مجاراة ما يريده الجمهور؟ هذا غير صحيح، ذلك أن هناك فنانين يكتفون فقط بالتقليد، ولا يملكون أكثر من أغنية واحدة، وتتم المناداة عليهم للمشاركة في مختلف المهرجانات؛ أما أنا فلدي ثمان أغان جديدة، ورصيدي حافل بأغاني مختلفة؛ عاطفية واجتماعية ووطنية..، يصل عددها إلى أكثر من 60 أغنية؛ ثلاثون منها وطنية، عشرون منها غنيتها في أعياد ميلاد الملك الراحل الحسن الثاني، وأعياد ميلاد الأمير مولاي رشيد، إلى جانب الجوق الملكي. وحتى لو افترضنا أني لم أقدم الجديد، وهذا غير وارد، فأغاني القديمة تشفع لي لأشارك في المهرجانات، حيث يعرفني الجمهور الجديد. هل يتعلق الأمر برأيك بتقصير من الإعلام العمومي الذي كان يتيح لك فرصة الظهور؟ الحقيقة أني لم أعتد طرق الأبواب وطلب الظهور على التلفزيون، ولا يمكنني فعل ذلك، اليوم، مع قنوات وإذاعات هي من كانت تستدعيني للحضور والمشاركة في برامج مختلفة. قد يفكر البعض، تبعا لهذا التغييب من وسائل الإعلام العمومية، أني اعتزلت الفن، لكني أبدا لا أفكر في ذلك، مرحليا. ولربما القنوات من اعتزلتني! وأنا حاضرة دائما بتقديم الجديد وفي إحياء سهرات مختلفة ضمن أعمال اجتماعية ومساهمات خيرية. هل سبق وأحييت حفلات أمام الملك الراحل؟ أجل، كما أني، في الوقت الذي كان يختار فيه الفنانون الغناء في أحد الأعياد الوطنية، كنت مواظبة على الغناء فيها جميعا، بالإضافة إلى تقديمي أغاني وإحياء سهرات في أعياد الأمراء تحت إشراف الأستاذ الكبير الحاج العربي الكواكبي الذي كان مكلفا بذلك ضمن الجوق الملكي. وفي هذا السياق كنا، مؤخرا، بصدد الاستعداد للمشاركة في ملحمة وطنية كبرى، إلى جانب عدد من فناني المغرب الكبار، لكنها ألغيت بعد وفاة عمة الملك محمد السادس. وهل ستصورين إحدى أغانيك الجديدة على طريقة الفيديو كليب؟ سأصور أغنية «الدنيا غدارة» من مالي الخاص، وهو أمر صعب، خاصة وأنه يضع الفنان في مواقف غير مقبولة بأن يطلب من المنتج أنه يخفض له سعر العمل مثلا. المشكل أنه، بالإضافة إلى غياب المنتجين الخواص، حتى القنوات التلفزيونية والإذاعية التي كانت تنتج أعمالنا توقفت عن ذلك اليوم، بل إنه كانت هناك قناة وحيدة هي «الأولى»، وكنا رغم ذلك نشتغل. أما عن القناة الثانية، التي يصل عمرها اليوم إلى 26 سنة، فلم أمر إلى الجمهور عبرها سوى مرة واحدة. القناة الثانية تحتفي بوجوه شابة كثيرة في مقابل حضور ضئيل لفناني التسعينات والقدامى، كيف تعلقين على ذلك؟ أنا لست ضد الاحتفاء وتشجيع الشباب؛ وإنما ضد أن يكون ذلك على حساب وجوه وأسماء لها أعمال كثيرة، في الوقت الذي تظهر فيه وجوه لا تملك أكثر من عمل واحد، أو لا تملك شيئا. اليوم، كثير من الفنانين، الذين قدموا الكثير للجمهور المغربي، لا يلتفت إليهم أحد، ولا يلتفت إليهم إلا بعد رحيلهم، وقد يتوفى أحد منهم ولا يثير انتباه أحد.