تعد رفيعة غيلان من المغنيات المغربيات، اللواتي اقترن اسمهن بالزمن الجميل للأغنية المغربية، إذ غنت للعديد من الملحنين المغاربة، أمثال أحمد البيضاوي، والحبيب الإدريسي. تتوفر غيلان على رصيد لا بأس به من الأغاني الوطنية والعاطفية، وشاركت في العديد من المهرجانات الغنائية، سواء داخل أو خارجه. بعد غياب كانت أسبابه خاصة، تعود غيلان إلى جمهورها بمجموعة من الأغاني الجديدة، نكشف عنها من خلال هذا الحوار ما هو جديد رفيعة غيلان الفني؟ أستعد حاليا لإنجاز أغنية للأطفال بعنوان "بونيتا"، باللهجة الشمالية، إذ سبق وأديت أغاني للطفل، ضمنها أغنية تحمل عنوان "نسيم عليل"، كما غنيت لهم في القناة الصغيرة، أردت بهذا الإنجاز الأخير أن أعطي للطفل حقه في هذا الجانب الفني، لأنني أرى أن هناك تقصيرا في حقه، فضلا عن مجموعة من الأغاني التي هي في طور الإنجاز. ماذا عن بدايتك الفنية؟ منذ طفولتي كنت ميالة للغناء، وفي سنة 1979 كان لي موعد مع برنامج مواهب، الذي كان يشرف عليه الراحل عبد النبي الجيراري، من هنا برزت موهبتي من خلال أدائي لمجموعة من الأغاني، وحظيت بإعجاب كبار الفنانين المغاربة آنذاك، الذين استفدت من تجاربهم في ما بعد. إلا أنني أرى أن الانطلاقة الحقيقية ترتبط بسنة 1980 حينما تم اكتشافي من طرف عبد الوهاب أكومي، بعد أن برزت في البرنامج السالف الذكر، من ثمة أردت أن أعزز موهبتي في ميدان الغناء بالدراسة. تابعت دراستي في آلة العود في المعهد البلدي سنة 1982، وكذلك قسم الأصوات، والموشحات، وأول أغنية أديتها كانت تحمل عنوان "ياريت لو كانت تجي"، من كلمات محمد الكزار، وتلحين محمد جواهر، جاءت بعدها أغنية أخرى من تلحين محمد الأشهب، فضلا عن أغنية ثالثة كانت من تلحين محمد السحنوني. ماذا عن رصيدك الفني؟ تعاملت مع العديد من الملحنين المغاربة الكبار، غنيت للراحل أحمد البيضاوي، وعبد الله عصامي، وعبد اللطيف السحنوني، والحبيبي الإدريسي في صنف الأغنية الوطنية، كما أديت أغاني عاطفية مثل "نسيتك أنا" و"ماتساولنيش" و"كولو لي"، وأغنية "على قد الحال"، من كلمات محمد الكزار وألحان محمد الأشهب، إضافة إلى بعض الأغاني التي شاركت بها في عدة مهرجانات، منها "زين الجلسة"، وأغنية "رد قلبي". وأديت، أيضا، أغاني دينية مثل "سبحانك"، من تلحين أحمد الطالبي، وغنت للأطفال أغنية بعنوان "نسيم عليل"، وشاركت في بعض المسرحيات من بينها مسرحية "امرأة ديال بصح"، من تأليف وإخراج الفنان عبد الله المغاري، وأخرى للمخرج شفيق السحيمي بعنوان "سي الشرادي"، وشاركت في فيلم قصير للمخرج الدرقاوي، ومن أجل التجاوب مع الموجة الإيقاعية الجديدة، أنجزت أيضا ألبوما يحمل عنوان "الفرشي". تتوفرين على تجربة فنية مهمة، لكن يلاحظ غيابك عن الساحة الفنية، لماذا هذا الغياب؟ دائما موجودة، رغم النسيان والتناسي، لكنني مصرة دائما على الاستمرار في الميدان الفني، الذي اعتبره جزءا من كياني ووجداني، وخير دليل أنني أستعد الآن لإصدار أغنية جديدة للأطفال، أتمنى أن تلقى استحسانا من طرف الجمهور، إلى جانب أعمال أخرى سترى النور قريبا، رغم المشاكل المادية لأنه من الصعب تمويل مشاريع فنية في الفترة الحالية، فضلا عن التهميش الذي يمس الفنانين القدامى وأغانيهم التي لا تبث على أمواج الإذاعة قنوات والتلفزيون المغربي. فبعد أزيد من 20 سنة من العمل، أراهن على أن الجيل الجديد لا يعرف الكثير عن رفيعة غيلان، ولا على العديد من الفنانين القدامى، الذين أعطوا للأغنية المغربية الكثير في زمنها الجميل الذي أصبحت أشتاق إليه. ما هو نوع الأغاني التي تميل لها رفيعة غيلان؟ كنت أغني دائما الأغاني الوطنية، والدينية، والعاطفية، كما أنني كنت ومازلت أفضل الأعمال الغنائية الجادة، ولهذا السبب لم تكن رغبتي تنحصر في أداء الكثير من الأغاني، بقدرما كان اهتمامي منصبا على أداء الجيد من الأعمال التي أحس أنها تتوفر على مقومات فنية عالية، وأعتقد أن الأغاني المعدودة التي غنيت لحد الآن كانت في المستوى. ما رأيك في ولوج المرأة عالم التلحين؟ هذا شرف للمرأة المغربية التي نجحت في شتى المجالات، وقد حان الوقت، أيضا، لتثبت وجودها في ميدان التلحين. من بين الأغاني التي قمت بتلحينها أغنية "الدنيا تبغي"، وهي أغنية مستلهمة من تجربة حياتية في دعوة مني لتوديع الآلام والأحزان والإقبال على الحياة بطموح وثقة مع لفتة إلى بارقة أمل، وهي من كلمات الزجال زهير أمل، وتوزيع عبد الواحد العزيزي العلوي، كما أنني الآن مشرفة على تلحين أغان جديدة. كيف ترين الأغنية المغربية حاليا؟ أعتقد أن ضعف الكلمات وهزالة الألحان عاملان ساهما في تدهور الأغنية المغربية، وجعلاها تبتعد عن الأهداف المرجوة منها، فالأغنية المغربية، تعيش أزمة حقيقية، مقارنة مع فترات ازدهارها، وفي وقت كان الكبير والصغير يتغنى بأغان مغربية قحة، كلمات وألحانا، وأداء، سواء للفنان عبد الوهاب الدكالي، أو عبد الهادي بلخياط، أوإبراهيم العلمي، أو بهيجة إدريس، واللائحة طويلة، لكن اليوم أصبحت العوامل المادية تتحكم في الأغنية المغربية. ففي السابق لم يسمح للمطرب المغربي أن يقدم أغنية إلا بعد مروره أمام لجنة مكونة من فنانين كبار، وبعد تمارين بمثابة مباراة للسماح للمغني كي يؤدي أغنيته، فضلا عن التكوين، سواء في معاهد الموسيقى، أو على أيدي فنانين متمرسين في الميدان. هذا لا يعني أن ليس لدينا فنانين، بالعكس، فالفنانون الشباب أثبتوا وجودهم حتى في الخارج كما شهدنا أخيرا. لكن يجب أن تسترجع الأغنية المغربية المكانة التي كانت تحظى بها في السابق. من هو الفنان الصادق؟ الفنان الصادق في نظري هو الذي يعطي بسخاء للجمهور حتى تظل أواصر الحب والثقة بينهما دائما متصلة.