وزان: اليوم24 الساعة تشير إلى الثامنة صباحا، الوقت الذي تفتح فيه التعاونية بابها، استعدادا لاستقبال يوم جديد .. يوم يخبئ مفاجآت لسبع نسوة اخترن "تعاونية الخير" كمورد اساسي لرزقهن. مراسيم يومية تعيشها هؤلاء النسوة لإنتاج كسكس يزين ايام الجمعة في منازل بعض المغاربة .. تنقية وفتل وغربلة، كلها عمليات يمر منها الكسكس في تعاونية الخير، قبل أن يصبح جاهزا لعملية التسويق. عندما تطأ رجلك الباب الرئيسي والوحيد لتعاونية الخير المتواجدة خلف جبال مدينة وزان تحديدا بدوار زرادون-أبريكشة، تلمح عيناك نساء التعاونية قد بدأوا عمل يومهم كما هو معتاد، رفوف صفت في الجانب وضعت عليها أنواع مختلفة من الكسكس، تعرض أمام الزبائن، وفي نفس الوقت يستخدم المكان لتخزين الكسكس الجاهز قبل عملية تسويقه. في جهة الأخرى من الغرفة الصغيرة تقف أسماء خالي، فتاة تبلغ من العمر عشرين سنة، وضعت هذه الشابة على رأس تعاونية الخير، رغم أن مستواها التعليمي لا يتجاوز الخامسة ابتدائي. أسماء التي أرادت أن تكسر حاجز عدم خروج المرأة في مثل هذه المداشر المتفرقة من المغرب للعمل، جربت أكثر من حرفة وحاولت الانسجام مع أكثر من مهنة رفقة بنات جيلها، لتستقر أخيرا على إنتاج الكسكس، وقيادة تعاونية شاءت الصدفة أن تخلقها في هذه المنطقة. تحكي فاطمة حاجي أم أسماء، هذه االسيدة البدوية التي نال الزمن من تقاسيم وجهها، رغم أن سنها لم يتجاوز 44 سنة، أن زوجها لم يسمح لابنته أسماء بالخروج إلى العمل في التعاونية، فالفتاة في هذه المنطقة كائن مقدس، لا يمكنها أن تطرق باب الشغل بمفردها، حيث أن المسؤول عنها داخل الأسرة من أب أو أخ، يحاول جاهدا ابقائها في البيت إلى حين خروجها إلى بيت زوجها. عوض أن تجر أسماء أذيال الخيبة، رضخت لشرط والدها الذي فرض على الأم/الزوجة مرافقة ابنتها، تضيف أم أسماء "قالي راجلي، فين ما مشات بنتك تبعها، جبالة نية شوية، ماشي مطورين". مجهود التعاونية بدأ يظهر شيئا فشيئا، حيث كشفت رئيسة التعاونية في حديثها مع "اليوم 24″، أن الكيس الواحد من الدقيق بوزن 25 كيلوغرام، أصبح يحقق ربحا ماليا بقيمة 100 درهم، يتم تخصيص 50 درهم منها للمصاريف الداخلية لتعاونية، والباقي تحصل عليه العاملة التي اشتغلت في إعداد ذلك الكيس من الكسكس، أي أن كل سيدة في التعاونية تجني 50 درهم، مقابل عملها على كيس يزن 25 كيلوغراما. في اليوم الذي زارت في "اليوم 24" مقر التعاونية، أكملت هذه الأخيرة عامها الرابع، بعد مشاق بداية الطريق، حيث أنها كانت تكتري في أول أمرها مقرا صغيرا مقابل 500 درهم شهريا، قبل أن تتوصل بمقرها الحالي من الجماعة، وهي الآن بصدد بناء مقر جديد، قصد توسيع المشروع، لتلبية كل الطلبات التي يتوصلون بها، من طرف "مغرب التسويق"، هذا الأخير الذي يقوم بتسويق الكسكس إلى مدن مختلفة من المغرب. إذا كانت طموحات التعاونية تتخطى جبال المنطقة وفقرها، فإن النسوة العاملين بها يرونها تجربة حديثة بطموحات كبيرة، حيث أنهن كسرن حاجز العمل في البيت، وخرجن للبحث عن مورد رزق، يتطلعن إلى تثمين هذا المشروع، وتقديم منتوج طبيعي يتوفرعلى كل مقومات السلامة.