كشفت نوال المتوكل، العداءة المغربية السابقة، المعينة، أخيرا، في منصب النائب الأول لتوماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، أنها مستعدة لترؤس اللجنة الأولمبية مستقبلا، بعدما رفضت، أخيرا الترشح لهذا المنصب. وكشفت المتوكل، في الحوار التالي مع « اليوم 24»، أسباب عدم ترشحها لرئاسة اللجنة الأولمبية، كما كان متوقعا، مشيرة إلى أنها تطمع في التعمق، أكثر، في ثقافة الحركة الأولمبية، وتضيف، على الخبرة التي اكتسبتها في اللجنة منذ عام 1998، خبرة إضافية، ذات بعد إنساني، على الخصوص، موضحة: «المستقبل هو الغاية، وغايتي هو خدمة البعد الإنساني». وأشارت المتوكل، إلى أنها، رهن إشارة بلدها المغرب، في حال عرض عليها، مستقبلا، ترؤس الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، على سبيل المثال، مشيرة إلى أن أنشطتها في اللجنة الأولمبية الدولية، تأخذ منها كل وقتها المهني.
يطيب لنا، وباسم الجميع أن نهنئك على حيازة منصب نائب أول لرئيس اللجنة الأولمبية، وبالمناسبة نود أن تحدثينا عن حيثيات هذا الاختيار المشرف الذي حظيت به. في إطار تتبعي ملف مدينة ريو ديجانييرو البرازيلية لاحتضان الألعاب الأولمبية الصيفية 2016، اهتم أعضاء اللجنة الدولية الأولمبية، وكذا الصحافة الدولية، بإمكانية ترشيحي لخلافة السيد جاك روغ على رأس اللجنة الدولية الأولمبية، غير أني بعد تفكير ومشاورات فضلت عدم الترشح للمنصب ذاته لاعتبارات خاصة، وإني لأستغل هذه المناسبة، ومن خلال هذا المنبر الإعلامي المتميز، لأتقدم بالشكر الجزيل لكافة الزملاء داخل الهيئة الذين منحوني ثقتهم الغالية التي بوأتني المنصب الجديد الذي أصبحت أشغله ضمن اللجنة الأولمبية الدولية .
أشرت إلى أن هناك اعتبارات خاصة جعلتك تتراجعين عن الترشح لمنصب رئاسة اللجنة الأولمبية، فهل لك أن تكشفي لنا عن هذه الاعتبارات؟ تجدر الإشارة هنا إلى أن اللجنة الأولمبية الدولية مؤسسة ذات تاريخ عريق، وأن العمل بها عمل مؤسسي يتطلب الوعي المسؤول بتاريخها بشكل يمكن من مراكمة التجارب الرياضية على أساس علمي في الحاضر يساهم في بلورة استراتيجيات تستجيب لحاجيات الأجيال القادمة، وهذا ما يفرض إخلاصا نوعيا في تحمل المسؤوليات المختلفة، الشيء الذي دأبت على القيام به . فمنذ دخولي إلى هذه الهيأة عام 1998، راكمت خبرة واسعة داخل الحركة الأولمبية من خلال انتمائي إلى لجن متنوعة، ومجموعات عمل، بالإضافة إلى إشرافي على ملفات متعددة، من بينها ملفات المدن التي كانت مرشحة لاستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 2012 بلندن، و2016 بريو دي جانيرو، هذا بالإضافة إلى مهام أخرى ذات أهمية كبرى، وجميعها تحتاج مني مجهودا خاصا تفرضه طبيعة العمل داخل اللجنة الدولية القائمة على الوضوح والالتزام، وما يقتضيه من تتبع وتقويم ودقة في التدبير. وتلك مسؤولية من مسؤولياتي المباشرة التي يشرفني تحملها، ولعل من شأن السهر عليها في ظل معايير علمية عملية محددة أن أستزيد من ثقافة أصيلة تميز هذه المؤسسة، وأغتني مما تتيحه لي من تجارب إنسانية عميقة، من شأنها أن تمكنني، لا محالة، من الترشح لمنصب رئاسة اللجنة الأولمبية مستقبلا. فالمستقبل هو الغاية، وغايتي هي خدمة البعد الإنساني من خلال الرياضة أيا كان الموقع الذي من الممكن أن أحتله.
أكدت أن غاية اللجنة الأولمبية هي غاية مستقبلية، فهل اختيار السيد توماس باخ يخدم هذه الغاية، وكيف كانت ظروف انتخابه؟ أكيد أن اختيار السيد توماس باخ لرئاسة اللجنة الأولمبية الدولية كان صائبا، فهو شخصية ذات إلمام عميق وخبرة واسعة بمختلف مجالات وقضايا الهيئة، وذلك ما يشهد به ملف ترشحه للرئاسة من جهة، وهو ما يقدره فيه عدد المصوتين عليه من الأعضاء الذين رأوا فيه خير خلف لخير سلف من أجل تدبير المرحلة المقبلة . وللتذكير فإن السيد توماس باخ بطل أولمبي في رياضة المسايفة، في السبعينات من القرن الماضي، وبعدها أصبح عضوا رسميا في اللجنة الدولية الأولمبية، إذ أشرف على لجنة الأبطال داخلها ولجن أخرى، كما أنه سعى إلى دمج الحركة الرياضية الألمانية تحت مظلة الكونفدرالية الألمانية الأولمبية، فضلا عن أنه تدرج في تحمل المسؤوليات بشكل مكنه من الوصول إلى المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية، حتى أصبح نائبا أولا، وذلك ما مكنه من بلورة مشاريع واعدة ضمنت له أكثر الأصوات الانتخابية. وكان من ضمن منافسيه السنغافوري نغ سير ميانغ، ووالسويسري دينيس أوزفالد، والبورتوريكي ريتشارد كاريون، والأوكراني سيرغي بوبكا، والطيواني سي كي وو.
طيب، لمن منحت صوتك من المرشحين لخلافة جاك روغ؟ هذا الأمر لا يمكنني الجهر به، لأنه يبقى، عند كل الأعضاء المصوتين، قرارا شخصيا، بين المُصوت وضميره. كل واحد منا اختار الشخص المؤهل، الذي رآه مناسبا وفق لمجموعة من المعايير، وأستطيع القول إن نتائج التصويت كانت صائبة، في محلها، وبغض النظر عن ذلك، فإن باخ وباقي المرشحين الذين نافسوه على الرئاسة، كانوا سواسية، كلهم مرموقون، لديهم تاريخ رياضي كأبطال، وكمسيرين رياضيين، لكن باخ كان هو الفائز لتقلد مهام هذه الرئاسة لمدة ثمانية سنوات.
خلال الانتخابات الأخيرة، التي أجريت في بيونوس أيرس الأرجنتينية، كانت لكم في الجنة الأولمبية الدولية كلمة عن أهمية مكافحة المنشطات المحظورة، فماذا تضمنت هذه الاقتراحات؟ من المعلوم أن سلامة الفرد تكمن في سلامة قدراته الحسية والعقلية والوجدانية؛ غير أن الملاحظ هو أن الصحة الرياضية قد غدت تهددها آفة خطيرة هي آفة المنشطات التي مست كل الرياضات وهددت الرأسمال البشري. لهذا شددت اللجنة في بيونس أيريس على أهمية بناء الرياضة على الشفافية والنزاهة والمحاسبة، وذلك لأنها، في المقام الأول، ثقافة تؤسس لترسيخ التربية على القيم النبيلة داخل المحيط الرياضي خاصة، وبالمجتمع الإنساني عامة. وتلك فلسفة اللجنة الأولمبية الدولية، بمعية الوكالة الدولية لمحاربة المنشطات والاتحادات الدولية الأخرى. إن قناعة هذه الهيآت هو أن الممارسة الرياضية فعل تربوي بالأساس، هدفه قيادة وتوجيه الرياضيين نحو مستقبل تتأكد فيه ذواتهم، وتتحقق فيه فاعليتهم. لذلك ما فتئت تسعى إلى محاربة تلك الآفة بتفعيل حكامة جيدة في المجال الرياضي على المستويين الوطني والعالمي، يتم من خلالها مأسسة الفعل الرياضي بشكل يمكن من التحكم في عناصره على مستوى الزمان ومستوى المكان، ومن ضبط آلياته المختلفة والتمكن من استراتيجياته، باعتباره فعلا تربويا يهدف إلى تحقيق توازن شخصية الرياضيين، ويرسخ لديهم القناعة بالنزاهة في ظل محيط رياضي يتمتع بالقيمة النبيلة نفسها ويدافع عنها. وهذه مسؤولية جماعية ينبغي للكل الاضطلاع بها من أجل رياضة نظيفة.
تسعى مدينة مكناس إلى الترشح لاستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية 2024، فهل بلدنا المغرب مؤهل لاستضافة هذه التظاهرة؟ هذا ما قرأته أخيرا، لكن القرار النهائي حول ترشحنا لاستضافة الألعاب الأولمبية لسنة 2024 يعود، بالأساس، إلى اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية التي يرأسها السيد حسني بنسليمان.
هل من الممكن أن تصلين إلى رئاسة اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية أو الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، مستقبلا، موازاة مع طموحك بالصعود إلى رئاسة اللجنة الأولمبية الدولية؟ إن ما ينبغي التأكيد عليه هنا هو أن العمل داخل اللجنة الأولمبية الدولية، وخاصة بعد أن شغلت منصب نائب الرئيس الأول بها، سيأخذ مني معظم حياتي المهنية، إذ بدون شك ستناط بي التزامات إضافية للمشاريع الحالية؛ وعلى الرغم من ذلك فأنا مؤمنة أن خير ما أعتز به انتمائي إلى وطني الحبيب المغرب، وأني ملك له، ورهن إشارته على الدوام.