تتراكم الشكايات ضد صلاح الدين أبو الغالي، العضو السابق في القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، آخرها تلك التي وجهت الأربعاء إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاسئتناف بالدارالبيضاء، وتتضمن اتهامات ثقيلة بارتكابه جرائم تحقير مقررات قضائية، والنصب والاحتيال بالتصرف في أموال غير قابلة للتفويت، والاستيلاء على أموال عمومية. المشتكي ليس سوى شركة التأمين النصر، التي كان يسيرها والده في سنوات الثمانينيات، وقام باختلاس أموالها وقتئذ، وأدين بالحبس بسبب ذلك. وعلى ما يظهر، فإن هذا الماضي مستمر في ملاحقة ابنه صلاح الدين. بوشعيب أبو الغالي، والد صلاح الدين، أدين بالحبس أربع سنوات عام 1995، بعدما اعتبره القضاء مذنبا بتهمة خيانة الأمانة والنصب والتزوير واستعماله في محررات تجارية. في عام 2000، أيدت محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء الحكم الابتدائي، بل ورفعت عقوبته إلى خمس سنوات بدلا عن أربع. ألزمت المحكمة والده بدفع 492 مليون درهم لفائدة شركة « النصر » للتأمين. وقد اعتُبر مختلسا لحوالي 50 مليارا من السنتيمات في تلك الفترة من الثمانينيات. كان بوشعيب أبو الغالي عضوا في مجلس الإدارة لشركة التأمين هذه، واسمها بالفرنسية LA VICTOIRE، ومقرها بالدارالبيضاء. وقد كان هو المسير لهذه الشركة منذ تأسست عام 1980. في غضون تسع سنوات، كان الرجل قد جفف مواردها، وقد تركها عرضة للإفلاس مع نهاية عام 1989. في ذلك الوقت، أصدر وزير المالية، محمد برادة، قراره بإيقاف أبو الغالي وباقي أعضاء مجلس إدارة هذه الشركة عن الوظائف التي كانوا يشغلونها في شركة التأمين تلك. تحقيق نشرناه في « اليوم24 » يفصل هذه الإجراءات. الآن، تلتمس شركة التأمين الساعية إلى استرداد أموالها، من الوكيل العام للملك أن يحيل شكايتها على الضابطة القضائية قصد الاستماع إلى صلاح الدين أبو الغالي، وشقيقه عبد الصمد، ووالدتهما نزهة العدلوني، تمهيدا لمتابعتهم بالجرائم المذكورة آنفا. مصدر تهمة الاستيلاء على أموال الدولة، بحسب الشكوى، تلك الأموال التي خصصتها الدولة وقتئد لفائدة شركة التأمين كإعانات وحصص دعم، وراحت هي الأخرى ضحية اختلاس بوشعيب أبو الغالي. شركة إندوسميد المثيرة للجدل في وثائق هذه الشكاية، أدرج ملف العقار الذي تسبب في المشاكل التي تلاحق أبو الغالي منذ شتنبر الفائت، بعدما فشلت صفقة بيع بينه وبين زميله السابق في الحزب عبد الرحيم بنضو. كان صلاح الدين أبو الغالي ينفي صلته بشركة « إندوسميد -أ- » التي أجرت وعد البيع الأول مع بنضو قبل أن تبيع العقار لاحقا إلى شركة أبرار للتعمير مقابل 6.5 مليار من السنتيمات. لنشر إلى أن والد أبو الغالي، في خطة لتجنب الحجز على ممتلكاته لسداد تعويضات قدرها 500 مليون درهم، هي مجمل ما قام باختلاسه من شركة التأمين التي كان يسيرها، فوت في 13 دجنبر 1995، أسهمه في شركة « إندوسميد -أ- إلى زوجته. إلا أن شركة التأمين حصلت على حكم في ماي 2021، بعد سلسلة طويلة من الإجراءات القضائية، يحد من نفاذ عقد التفويت. كنا قد سألنا أبو الغالي عن هذه المشكلة، لكنه اكتفى بالقول إن محكمة الاستئناف أطاحت بدعوى شركة التأمين. لم يكن ذلك صحيحا وفقا للأحكام النهائية التي بين أيدينا. بحسب وثائق شركة التأمين التي تسعى إلى استعادة أموالها المختلسة، فإن والدة أبو الغالي، نزهة العدلوني، عمدت بهدف الاستحواذ على العقار موضوع الرسم عدد C/4318، والبالغة مساحته 9 هكتارات و22 آرا، و54 سنتيارا، إلى عقد جمع عام استثنائئ في 19 مارس 2007 بغرض تغيير الشكل القانوني للشركة من شركة مدنية عقارية إلى شركة ذات مسؤولية محدودة، وتغيير المقر الاجتماعي والنظام الأساسي للشركة، وتعيين أبنائها صلاح الدين أبو الغالي وعبد الصمد أبو الغالي مسيرين بالشركة. في 22 سبتمبر 2015، و22 مارس 2016، حصل الثلاثة على قرض من البنك المغربي للتجارة الخارجية (بنك إفريقيا في الوقت الحالي) قدره 75 مليونا و268 ألف درهم مع رهن على العقارات. هذه العقارت وفق الشكوى، جزء من الضمان العام لدين شركة التأمين. وكما نعرف الآن، ففي 26 أبريل 2024، قامت شركة « إندوسميد-أ-« ، وشركة MEDINDUS وهي التي كان اسمها في الماضي الشركة المدنية العقارية مديونة2، ببيع العقار نفسه إلى شركة أبرار التعمير. تقدم الوثائق القضائية لمحة مفصلة عن الطريقة التي أصبح بواسطتها صلاح الدين أبو الغالي مسيرا لشركة MEDINDUS، الجوهرة التي يفخر بها في تاج شركات عائلته.فهذه الشركة التي كما ذكرنا، كان اسمها شركة مديونة 2، إلا أن والدة أبوالغالي قامت في 19 مارس 2007، بعقد جمع عام استثنائي بهدف تغيير الشكل القانوني للشركة من شركة مدنية عقارية إلى شركة مجهولة الإسم، وتغيير اسمها إلى شركة MEDINDUS. وفق محضر الجمع العام، فقد جرى تعيين صلاح الدين أبو الغالي مسيرا لهذه الشركة. تقول شركة التأمين في الشكوى إن الهدف من هذه التغييرات كان هو الاستحواذ على عقار ذي الرسم رقم C/17391، ومساحته هكتار و8 أرا و22 سنتيارا. هذه الأراضي سيجري التنازل عنها لفائدة شخص ثالث اسمه عبد الرحمي نصر الله، بمقتضى عقد مبادلة حقوق مشاعة. توفي نصر الله عام 2015، وقد كان من وجهاء حزب الاستقلال في الدارالبيضاء. في الشكوى يقفز اسم معتاد: عبد الرحيم بنضو، الشخصية البارزة في حزب الأصالة والمعاصرة، وقد كان سببا في التطويح بأبو الغالي من منصبه في القيادة الجماعية. لم تكن الصفقة التي انهارت بين الطرفين، الوحيدة التي جمعت عائلة أبو الغالي ببنضو في الماضي. ففي 6 يونيو 2008، قامت والدة أبو الغالي بتغيير الشكل القانوني لشركة إندوسميد -ب-، من شركة مدنية عقارية إلى شركة ذات مسؤولية محدودة، ولاحقا، في 9 نونبر 2015، أجرت تفويتا شاملا لجميع الحصص في هذه الشركة إلى عبد الرحيم بنضو مقابل مبلغ إجمالي قدره 10 آلاف درهم. تعتبر شركة التأمين هذا التفويت محاولة إبعاد لعقار رسمه رقم C/5000 ومساحته هكتارين و50 آرا و7 سنتيار، من ضمه إلى الضمان العام للدين الذي يحق لها استرداده. بعد ثلاثين عاما من تفويته شركاته إلى زوجته وأبنائه، مازالت شركة التأمين النصر تسعى جاهدة إلى استعادة الأموال المختلسة من لدن بوشعيب أبو الغالي وقد استقرت بين أيدي صلاح الدين وشقيقه عبد الصمد. من المؤكد أن معركة طويلة تنتظر الطرفين مجددا، بالرغم من أن صلاح الدين أبو الغالي ليس في أفضل أحواله في الوقت الحالي. خسر أبو الغالي الكثير بعد طرده من القيادة الجماعية لحزبه هذا الشهر، متهما ب »النصب والاحتيال ». ونزلت المشاكل دفعة واحدة فوق رأسه، فقد صدر أمر قضائي ضده بالحجز على راتبه الذي يتلقاه من البرلمان بوصفه نائبا فيه عن دائرة مديونة لسداد دين لفائدة مصرف « التجاري وفا بنك »، ثم أزيل اسمه من قائمة طلبة الدكتوراه حيث كان مسجلا في جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء بسبب مشكلة في معادلة شهادته التي حصل عليها في فرنسا.