بلغة ديبلوماسية أنيقة أكد السيد وزير الشؤون الخارجية ما راج خلال الأيام الماضية حول إحاطة المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية السيد دي ميستورا، والمقصود هنا مقترح تقسيم الصحراء المغربية، طبعا تصريح المسؤول الأول عن الخارجية المغربية في الندوة الصحفية جاء دقيقا بليغا » لا نتفاوض حول السيادة المغربية »، موقف المملكة من مقترح التقسيم هو عينه الذي عبرت عنه بلادنا سنة 2002 عندما جاء به جيمس بيكر، غير أن أبلغ ما ورد في تصريح السيد ناصر هو كونه طرح السؤال البليغ لماذا لم يحدد السيد دي ميستورا الأطراف التي أوحت له بإحياء هذه الوجبة الباردة إن لم نقل « المتعفنة »، والتي ولدت ميتة، والراجح أن الفرق بين الأمس واليوم، هو أن تقرير الأمين العام ساعتها قال بوضوح أن الجزائر إقترحت تقسيم الصحراء بين المملكة المغربية وما بين عملائها، ساعتها جاءها الرد من الرباط حاسما، رفض مطلق وإدانة المقترح، وزيارة ملكية للعيون، وترأس مجلس وزاري في الداخلة، لماذا لم يقرأ السيد دي ميستورا كل هذه المعطيات؟ فمن أوحى له؟ طبعا كلام السيد دي ميستورا جاء ضد المسار الذي تمر منه القضية والذي يتميز بالدعم الدولي المتزايد لمقترح الحكم الذاتي، كما أنه يشكل نكوصا عن التوجه الأممي الذي استقر على الدعوة إلى إيجاد حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي، كما أنه يناقض بوضوح موقف مجلس الأمن الدولي الذي إعتبر المقترح المغربي جدي وذي مصداقية ويشكل أرضية صلبة للبحث عن حل سياسي. ستظل الأممالمتحدة تدور حول نفسها في بحثها عن حل لهذا النزاع المفتعل، إلا إذا تمكن المنتظم الدولي من إرغام الجزائر على الجلوس على طاولة المفاوضات، ليس بوصفها عضو ملاحظ، ولكن لأنه طرف في النزاع لأن دورها حاسم في النزاع وهو ما أكد عليه التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة. هذا المستجد الغريب، والمتعلق بمحاولة إحياء مقترح ولد ميتا يمنح كامل الشرعية للدعوات الملكية و آخرها في خطاب إفتتاح السنة التشريعية الرابعة، والتي يؤكد فيها جلالته على وجوب اليقظة والتعبئة الدائمة، طبعا هذا التوجه لدى المبعوث الأممي يجعله عمليا في حكم الفاشل، والظن أن طريقه نحو مغادرة منصبه ليست إلا مسألة وقت، أما المغرب الذي يمضي قدما في المسار الوحدوي التنموي الديمقراطي، فلن يظيره ما يقوله بعض المتكلمون، الذين لم يستوعبوا بعد، طبيعة النزاع ومداخل حله، كما أنهم لن يغيروا أبدا الواقع الجديد، فالعالم اليوم إزاء أطروحتين، أطروحة وحدوية تراكم الانتصارات، رغم التحديات، عرضت مقرر الحكم الذاتي وفق المعايير الدولية، وتراكم كل اليوم الدعم لهذا المقترح، وأطروحة إنفصالية ماضوية سجينة أيديولوجيات الحرب الباردة، مازالت تحلم بإقامة « جمهورية الخلاص جنوب المغرب. على العالم الحر أن يختار، فإما الانحياز إلى مقترح المغرب الرامي إلى منح الإقليم حكما ذاتيا بإعتباره نقطة الوصول وليس نقطة الانطلاقة، كما أكد على ذلك وزير الخارجية، وإما إدامة هذا النزاع مع كل تكلفته على أمن واستقرار وازدهار شعوب المنطقة. ليس هناك منطقة وسطى بين هاذين الاختيارين، لقد إختارت دول عظمى دعم الموقف المغربي وهي تعرف جيدا طبيعة النزاع، فأي مقولات ومقترحات تمس بالسيادة المغربية مآلها الفشل، على الأممالمتحدة أن تقرأ تاريخ النزاع وتاريخ تعاطيها معه، كي تخرج من الدوران حول نفسها. ويبقى السؤال، من أوحى للسيد دي ميستورا بمقترح التقسيم؟ طبعا بإمكانه أن يقول قصر المرادية إذا أعجزه الكلام عن القول الواضح الصريح الجمهورية الجزائرية.