خلفت الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في جنوبلبنان وشرقه 274 قتيلا بينهم 21 طفلا، الاثنين، وفق ما أعلنت السلطات اللبنانية، فيما تعد هذه الضربات الأشد منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبي الحدود قبل نحو عام. وندد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي الإثنين بما وصفه ب »مخطط تدميري » لبلاده حيث وضعت المستشفيات في حالة تأهب في مواجهة تدفق المصابين فيما أغلقت المدارس في مناطق عدة. ورغم دعوات المجتمع الدولي إلى ضبط النفس، تواصل التصعيد العسكري في الأيام الأخيرة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، ما أثار مخاوف من نشوب حرب أوسع نطاقا. يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود منذ الثامن من أكتوبر 2023، بعدما فتح الحزب « جبهة إسناد » لحماس جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. والاثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي استهداف أكثر من 300 موقع تابع لحزب الله في لبنان. وأعلنت وزارة الحصة اللبنانية ارتفاع « حصيلة غارات العدو الإسرائيلي المتمادية على البلدات والقرى الجنوبية منذ صباح اليوم (…) إلى 182 شهيدا و727 جريحا، ومن بين الشهداء والجرحى أطفال ونساء ومسعفون ». وأفادت حصيلة سابقة للوزارة بسقوط 100 قتيل وأكثر من 400 جريح. كما نزحت مئات العائلات من محيط مناطق تعرضت لغارات اسرائيلية كثيفة في جنوبلبنان منذ ساعات الصباح. وقال المسؤول في وحدة إدارة الكوارث في منطقة صور بلال قشمر لفرانس برس إن « مئات النازحين وصلوا الى مركز إيواء في مدينة صور بينما ينتظر آخرون في الشوارع »، في وقت أفاد مصورو فرانس برس عن زحمة سير خانقة خصوصا في مدينة صيدا الساحلية التي اكتظت شوارعها بسيارات تقل نازحين وتركزت الغارات في مختلف أنحاء جنوبلبنان بما في ذلك مناطق صور والنبطية وغيرها، ومحافظة البقاع الحدودية مع سوريا في شرق البلاد، وفق الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية ومراسلي فرانس برس الذين أكدوا أن حدة الغارات غير مسبوقة منذ بدء التصعيد بين الدولة العبرية وحزب الله قبل أكثر من 11 شهرا. وأعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين أنه « يوسع نطاق » ضرباته على حزب الله في لبنان محذرا السكان القريبين من مخازن أسلحة حزب الله في سهل البقاع، للابتعاد عنها. وقال المتحدث باسم الجيش الأميرال دانيال هاغاري في تلخيص صحافي « نواصل مراقبة استعدادات حزب الله في الميدان من أجل إحباط الهجمات ضد الأراضي الإسرائيلية بشكل استباقي، ونوسع نطاق ضرباتنا ضد حزب الله بشكل منهجي ». من جهته، أعلن حزب الله الاثنين قصف ثلاثة أهداف في شمال إسرائيل. وقال الحزب في بيان إنه قصف الاثنين « المقر الاحتياطي للفيلق الشمالي وقاعدة تمركز احتياط فرقة الجليل ومخازنها اللوجستية في قاعدة عميعاد وم جمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل في منطقة زوفولون شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ »، وذلك « ردا على اعتداءات العدو الإسرائيلي التي طالت مناطق الجنوب والبقاع ». من بلدة زوطر في قضاء النبطية بجنوبلبنان، قالت وفاء اسماعيل (60 عاما) وهي ربة منزل ومزارعة، « ننام على القصف ونفيق (نصحو) على القصف… هكذا باتت حياتنا ». وأضافت « عندما تمر ساعات هدوء ليلا نستغرب ونخشى العاصفة التي ستلي هذا الهدوء ». وتابعت « منذ بدء الحرب في غزة ونحن نعيش على وقع الحرب ونحاول طمأنة الأطفال الصغار. نأمل بأن نتمكن من زرع محاصيلنا ومعنوياتنا مرتفعة لأن الشباب (حزب الله) يقومون بالواجب ». وتزامنا مع الغارات المكثفة، تلقى سكان في بيروت ومناطق أخرى اتصالات عبر الهواتف الثابتة والنقالة مصدرها إسرائيل، يطلب فيها منهم إخلاء أماكن وجودهم، وفق الوكالة الوطنية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر الأحد من خطر تحول لبنان إلى « غزة أخرى » مع إعلان إسرائيل أنها نقلت « ثقل » المعركة من الجنوب حيث قطاع غزة الى الشمال مع حزب الله. وتعهد حزب الله مواصلة هجماته على إسرائيل « حتى يتوقف العدوان على غزة ». والأحد، وصلت الصواريخ للمرة الأولى إلى محيط مدينة حيفا في شمال إسرائيل. وكانت شوارع المدينة التي كانت تحلق فوقها طائرات مقاتلة بصورة منتظمة، مهجورة الاثنين، وفق ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس. وقال عوفر ليفي، وهو عنصر في الجمارك يبلغ 56 عاما ويعيش في كريات موتسكين في شمال إسرائيل « أنا لست خائفا على نفسي بل على أطفالي الثلاثة ». وأضاف « وقعت ابنتي في أحد الأيام أثناء توج هها إلى أحد الملاجئ عندما سمعنا صافرات الإنذار. هذا يقلقني. لا يمكن أي بلد أن يعيش هكذا ». وتصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل منذ الأسبوع الماضي، عقب سلسلة تفجيرات الثلاثاء والأربعاء طاولت الآلاف من أجهزة اتصال يستخدمها عناصره في عملية نسبت إلى الدولة العبرية، وتسببت بمقتل 39 شخصا و2931 جريحا، بحسب وزارة الصحة اللبنانية. وتلقى الحزب سلسلة ضربات في الأيام الأخيرة، شملت تفجير آلاف أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصره يومي الثلاثاء والأربعاء في عملية نسبها لإسرائيل، وغارة جوية قرب بيروت استهدفت اجتماعا لقيادة قوات النخبة التابعة له أسفرت عن مقتل نحو 50 شخصا بينهم قائدين عسكريين بارزين وعدد من رفاقهما، إضافة الى ضربات جوية مكثفة من سلاح الجو الإسرائيلي على أهداف في جنوبلبنان خلال عطلة نهاية الأسبوع. وخلال تشييع إبراهيم عقيل، قائد قوة الرضوان النخبوية في حزب الله الأحد، أكد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن التنظيم دخل في « مرحلة جديدة » من القتال مع اسرائيل، عنوانها معركة « الحساب المفتوح ». وشدد على أن التهديدات الإسرائيلية « لن توقفنا » مضيفا « نحن مستعدون لمواجهة كل الاحتمالات العسكرية ». وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الأحد أن « 150 قذيفة وصاروخا ومسيرة » أطلقوا نحو شمال إسرائيل « بدون أن يتسبب ذلك بأضرار كبيرة ». وبحسب الجيش، نزل إلى الملاجئ مئات آلاف السكان في الشمال حيث أغلقت المدارس أبوابها الاثنين. وفي خضم التصعيد، صدرت دعوات إلى التهدئة أو مغادرة الرعايا الأجانب. وحضت الولاياتالمتحدة، الحليفة الرئيسية لإسرائيل، مواطنيها على مغادرة لبنان، مؤكدة في الوقت عينه مواصلة العمل على لجم التصعيد. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن « سنبذل قصارى جهدنا لتجنب اندلاع حرب أوسع نطاقا. ولا نزال ندفع بقوة » في هذا الاتجاه. إلى ذلك، حضت الصين رعاياها على مغادرة إسرائيل « في أسرع وقت ممكن ». وأعلن الكرملين الإثنين أنه « قلق للغاية ». وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف « الوضع يتدهور كل يوم سريعا. التوتر يتصاعد وكذلك عدم القدرة على معرفة مسار الأمور. هذا يشعرنا بقلق للغاية ». من جانبها، قالت مصر إنها تخشى اندلاع « حرب إقليمية شاملة »، مشددة على أن التصعيد بين إسرائيل وحزب الله « يؤثر سلبا » على مفاوضات الهدنة في غزة. وحذرت وزارة الخارجية الايرانية إسرائيل الاثنين من « تداعيات خطيرة » للضربات التي يشنها جيشها على مواقع لحزب الله في لبنان. ودان المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني « بشدة الهجمات الجوية الواسعة النطاق » التي شنتها اسرائيل على جنوبلبنان محذرا من « التداعيات الخطيرة للمغامرة الجديدة للصهاينة ». كما دانت حركة حماس « العدوان الهمجي » الإسرائيلي على لبنان. اندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، مع شن حماس هجوما تسبب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، بحسب بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة. وخطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم. وردت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجوم بري على غزة، ما أسفر عن سقوط 41455 قتيلا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأممالمتحدة أن غالبية القتلى من النساء والأطفال.