لا توجد صناديق شفافة سوى في الأنظمة التي تزور الأنتخابات هنا الصناديق ليست شفافة بل السياسة مثل ماء النهر ،كل هذا يتم تحت نظر ممثل اللجنة الانتخابية المحلية برلين: اليوم 24 المشهد الاول على مدخل مكتب اقتراع في مدرسة ابتدائية في وسط حي بانكو شرق برلين، علقت ورقة مكتوب عليها ( اختر قطعة حلوتك) في البداية يعتقد الزائر لمركز اقتراع انها مزحة، فهو داخل لاختيار سياسيين في البرلمان وليس لاختيار قطع الحلوى .لكن عندما تقترب تجد مجموعة من أطفال المدرسة التي تحولت الى مكتب اقتراع يتحلقون حول طاولة وضعوا فوقها قطع كثيرة من الحلوى المعدة في منازلهم، وجاؤوا بها الى مركز الاقتراع حيث يحج الآلاف من سكان الحي لبيعها وتخصيص عائداتها لعلاج أطفال كينيا المصابين بالسرطان ..انه ليس فقط تمرين سياسي ان يحضر الأطفال الى مقر اقتراع لحضور أكبر عملية تفكيك السلطة القائمة وإعادة بناء أخرى ، من خلال صناديق الاقتراع ،بل انه تمرين بيداغوجي ودرس تربوي في العمل الإنساني والإحساس بالمرضى والفقراء.
المشهد الثاني الزمن صباح الأحد، يوم الاقتراع في ألمانيا، والمكان المكتب الانتخابي رقم 502 في حي متوسط شمال برلين ، اول من حضر الى مكتب الاقتراع هم المشرفون عن الانتخابات ،وهم ليسوا موظفين ولا ممثلي أحزاب سياسية، انهم مواطنون متطوعون تنازلوا عن يوم عطلتهم ( المقدس ) وجاؤوا للإشراف على الانتخابات بمقابل رمزي لا يتعدى 50 اورو .، لا توجد صناديق شفافة سوى في الأنظمة التي تزور الأنتخابات هنا الصناديق ليست شفافة بل السياسة مثل ماء النهر ،كل هذا يتم تحت نظر ممثل اللجنة الانتخابية المحلية وهي جنة يرأسها موظف تابع للبلدية يصوت بالمراسلة قبل يوم الاقتراع بأربع أسابيع حتى يتفرغ يوم الاقتراع لمهمته . العملية تتم في دقائق قليلة ،ويمنع القانون المشرفين عن المكاتب الانتخابية من الحديث عن السياسة او الانتخابات او حمل شارات او ألوان تدل على تفضيل حزب عن حزب ، في نهاية اليوم يجري فتح الصناديق وفرز وعد الأصوات علنا وامام المواطنين الذين يرغبون في حضور هذه العملية ... سالت رئيسة لجنة الانتخابات Christine ruflett عن استعمال العنف في الانتخابات الألمانية فتعجبت من السؤال، وسالتها عن استعمال المال للتأثير على الناخب الألماني فضحكت، وسالتها عن التلاعب في حساب الأصوات فاندهشت ... قالت هل هذا يحدث عندكم ؟أنا بدوري ضحكت ولم ارد على سؤالها ربما فهمت المقصود من أسئلتي لا حاجة للجواب فالصحافي مثل شاعر الجاهلية ابن بيئته .
المشهد الثالث : وجبة الطعام دخلت هي الأخرى الى المعركة الانتخابية الالمانية ،حزب الخضر يعد الناخبين إذا وصل الى السلطة مع حليفه الاشتراكي، بسن قانون يعفي المطاعم الألمانية من نسبة معينة من الضريبة إذا امتنعوا عن تقديم اللحوم مرتين في الأسبوع لزبائنهم ،والغرض بيئي وصحي في نفس الوقت ، بيئي لان الحزب الأخضر يتهم كبار مربي الماشية والأبقار خاصة بتدمير الغابات والأشجار لزرع الأعلاف، وهذا يؤثر على البيئة. أما الاعتبار الصحي فلان الألمان من أكبر مستهلكي اللحوم في اوروبا الى درجة ان السلطة الأكثر طلبا على موائد الألمان هي سلطة اللحم بالمايونيز ولكم ان تتصوروا التداعيات الصحية لإدمان اللحوم هذا . أنجيلا ميركل ترفض مقترح الخضر هذا ليس فقط لانها رئيسة حزب يميني يدافع تقليديا عن أصحاب الشركات وكبار الرأسماليين الذين ستتأثر تجارتهم بالحد من رواج اللحم ،بل تقول ان تدخل الحكومة في لائحة طعام الألمان خطا ويجب ان نترك الناس تعيش كما تشاء...
المشهد الرابع : الحملة الانتخابية ورغم ان الصحافة الألمانية نعتتها بالباردة هذه السنة، فان نوادرها كثيرة وبعضها مثير ، حزب الخضر علق أوراق انتخابية صديقة للبيئة وتتلاشى بسرعة ( dégradables ) لكن لما هبت الرياح أخذتها معها، وتركت الحزب عاريا من اهم وسائل الحملة الانتخابية، فأصبحت القصة نكتة، تقول : ان الطبيعة لا تحب الخضر رغم أنهم يدعون الدفاع عنها ، حزبان متنافسان واحد في أقصى اليمين والآخر في أقصى اليسار اعتمدوا على صورة إعلانية واحدة لعائلة من الريف فيها أم وأب وأطفال وكلهم يمشون في حملة الحزبين معا. وآثار الأمر السخرية في الاعلام ، كيف تظهر عائلة واحدة بنفس الوجوه في حملة الحزبين المتخاصمين ، بحث الفضوليون في الأمر واكتشفوا ان الصورة باعتها وكالة صور تجارية للحزبين معا وأنها أساسا مأخوذة للدعاية للجبن وليس للسياسة ... ضحك الناس وتحولت القصة الى نكتة .