اتخذ نحو مائة من المهاجرين من دول جنوب الصحراء ومن بينهم ما لا يقل عن عشرة أطفال، من مقر سفارات بلدانهم في العاصمة تونس ملجأ للنوم داخلها أو أمامها إثر طردهم من منازلهم بعد الإعلان عن "إجراءات" من قبل السلطات التونسية. وأمام مقر سفارة ساحل العاج، يتواجد حوالى خمسين منهم يخيمون على الأرض، بينهم 11 طفلا تتراوح أعمارهم بين شهرين وسنتين. كما ينام البعض منذ أربعة أيام ملتحفين بأغطية، وفقا لصحافي فرانس برس. وتقول روكية كوني (23 عاما) لفرانس برس ورضيعها إلى ظهرها، "نحن بحاجة إلى حفاضات وحليب أطفال وليس لدينا ما نأكله". ويظهر العديد من المهاجرين قطعا من الخبز اليابس التي تشكل وجبتهم الوحيدة. وقامت تونسية بجلب غطاء لهم يلتحفوا به ليقيهم برد الليل. تسأل الناشطة منية غزالي خريف "أين المنظمات غير الحكومية والجمعيات والهلال الأحمر والمنظمات الدولية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو المنظمة الدولية للهجرة؟". وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد شدد الأسبوع الفائت على وجوب اتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكدا أن هذه الظاهرة تؤدي إلى "عنف وجرائم". وجاءت تصريحات سعيد خلال ترؤسه في قصر قرطاج اجتماعا لمجلس الأمن القومي الثلاثاء "خصص للإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها لمعالجة ظاهرة توافد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس"، وفق بيان للرئاسة التونسية. من جانبه أكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار الاثنين في مقابلة مع وكالة فرانس برس، أن بلاده تبعث برسائل "طمأنة" لكنها تستبعد الاعتذار إثر الانتقادات التي اعتبرت خطاب سعيد في خصوص المهاجرين "عنصريا". ونددت العديد من المنظمات غير الحكومية بالخطاب ووصفته بأنه "عنصري ويدعو للكراهية"، كما استنكره الاتحاد الأفريقي واعتبر تصريحات الرئيس "صادمة" ودعا الدول الأعضاء إلى "الامتناع عن أي خطاب عنصري يحض على الكراهية". وتجمع ما لا يقل عن مائتي شخص خارج سفارة ساحل العاج الثلاثاء، بينهم العشرات للتسجيل في قائمة مفتوحة منذ الجمعة للاستعداد لعمليات الإجلاء إلى بلدهم. تمكن البعض من تسجيل أسمائهم ولكن ليس لديهم مكان يقصدونه بعد أن صدرت تعليمات لأصحاب المنازل التي كانوا يسكنونها بطرد المهاجرين غير الشرعيين. قام بالتسجيل نحو 500 شخص في انتظار عمليات الإجلاء، وفقا لمنظمة للجالية العاجية. ويقول رب عائلة "نريد العودة لأن الطقس بارد، نريد العودة إلى ساحل العاج". واستنادا إلى مصادر من السفارة، تتفاوض ساحل العاج مع تونس لإلغاء الغرامات (80 دينارا شهريا، حوالى 25 يورو) التي يجب على المهاجرين الذين تجاوزوا مدة الإقامة القانونية دفعها. يقدر "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" وهي منظمة تهتم بملف المهاجرين في تونس أن عددهم لا يتجاوز 21 ألفا في تونس بمن فيهم طلاب. لم يختلف الوضع كثيرا أمام قنصلية مالي. وأفاد دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس، بأن نحو ثلاثين مهاجرا من مالي من دون سكن "تم إيواؤهم في القنصلية". وقال "نحصي أولئك الذين يريدون المغادرة. لدينا بالفعل 200 شخص على قوائمنا هذا المساء". وبحسب الدبلوماسي، من أجل إنفاذ الإجراءات المتخذة ضد المهاجرين غير القانونيين "لم يعد بإمكان الناس العمل وطردوا من منازلهم". كما أكد الدبلوماسي أن محادثات تتواصل بين باماكو وتونس كي "ترفع السلطات التونسية الغرامات المالية وتسمح لمواطنينا بالعودة". وتابع "بعد ذلك سنرحهلم من صفاقس (شرق) أو المنستير (شرق) ونعيدهم لوطنهم". وندد "المجلس الأعلى للجالية المالية" في بيان الثلاثاء بتصريحات السلطات التونسية معتبرا أن "تونس الرئيس بورقيبة لا تستحق رئيسا مثل قيس سعيد". وأدان المجلس "الاعتداءات الوحشية ضد مواطني إفريقيا جنوب الصحراء" و"المعاملة اللاإنسانية" في حق الأفارقة في تونس.