ورغم أني لست خبيرا في الرياضة عموما وكرة القدم بالخصوص إلا أني لاحظت أن المنتخب الجزائري لعب بقتالية كبيرة استحق عليها التأهل إلى الدور الموالي، لكن ما جعلني أفقد حماسي شيئا فشيئا اتجاه المنتخب الشقيق، هو جمهوره الذي أبان عن طينة لاتشبه أي جمهور في العالم، وأكاد أجزم أن الجمهور الجزائري لا يتشارك مع جمهور المنتخبات الأخرى في أي شيء، وبالتالي استحق لقب أغرب جمهور على الإطلاق! عندما خسر المنتخب في مقابلته الأولى مع بلجيكا أقام الجمهور الدنيا ولم يقعدها وأشعل الحرائق في ضواحي باريس ومدن الجنوب الفرنسي و في البرازيل أيضا، بل إن العاصمة الجزائرية غطت في حزن كبير كأنما شخصية عزيزة شيعها الشعب الجزائري إلى مثواها الأخير، رغم ذلك قلت مع نفسي الجمهور أصيب بخيبة أمل وهذا رد فعل يعمكن التجاوز عنه رغم أنه غير حضاري وغير رياضي بتاتا. لكن أن يرد الجمهور برد فعل أكثر عنفا في المقابلة الثانية التي جمعت منتخب بلاده مع كوريا الجنوبية، فهذا تصرف يسيء كثيرا إلى الرياضة الجزائرية، وقبل ذلك إلى الشعب الجزائري، فماذا يعني أن تفوز في المباراة وبعدها تخرج إلى الشارع وتعربد فيه وتكسر ما تصادفه أرجلك في الطريق وترشق الشرطة بقناني البيرة والويسكي، غير أنك إنسان لا تقدر معنى الفوز وتتعامل معه بأسلوب بدائي لا يليق بإنسان يوجد في لحظة انتشاء! العجب العجاب في طريقة الاحتفال هذه التي ابتكرها الجمهور الجزائري هو قدوم العشرات منهم الى منطقة "بين الجراف" بمدخل مدينة السعيدية، ومنطقة "بوكانون" بمدينة أحفير ورفع شعارات منددة بالمغرب وشعبه، بل أكثر من ذلك منهم من أٌقدم على تدنيس العلم الوطني، في الوقت الذي شجع الجمهور المغربي في جميع المدن المنتخب الجزائري، اليوم فقط أدركت معنى المقولة التي يرددها الوجديون عن الجيران حينما يقولون : "شعب 10 في عقل"! أنا على يقين أن وسط الجمهور الجزائري أشخاص مشبعين "بالروح الرياضية"، يمكنهم هم أيضا تنظيف المدرجات عندما تنتهي المباراة حتى وإن لم تنتهي لصالح منتخبهم كما حدث مع الجمهور الياباني تعبيرا عن هذه الروح، لكن حالة الجمهور بصفة عامة حالة نادرة تحتاج من علماء الاجتماع الدراسة والتحليل وتقديم الأجوبة الموضوعية والمنطقية. وفي انتظار ذلك لا أخفيكم أني بداية من الدور الثاني سأشجع جميع المنتخبات التي ستواجه الجزائر، فقط حتى لا يقال بأني ساندت يوما "التشرميل الرياضي".