كشفت دراسة لمجلس النواب، أن المواطنين الباحثين عن الخدمات الصحية يعانون من تجاوزات من لدن موظفي المستشفيات، خصوصا عند اضطرارهم طلب خدمات استشفائية شخصية أو لذويهم. وتتعلق أغلب هذه الممارسات من الأطر الصحية تجاه المرتفقين، بسوء التواصل وعدم المساواة والزبونية والمحسوبية. ومن أبرز الحالات التي رصدتها دراسة "القيم وتفعيلها المؤسسي: تغييرات وانتظارات لدى المغاربة"، وأنجزها مكتب دراسات، هو عدم تفعيل قيم الواجب المهني، حيث يضطر المريض إلى البحث عن وساطة من أقربائه أو أصدقائه ليتمكن من العلاج أو الحصول على الدواء من المركز الصحي. وكشفت أيضاً، عدم تفعيل قيمة التواصل عند ولوج بعض المستشفيات، إذ يجد المريض نفسه أو أحد أقربائه مضطرا لبحث مضني عمن يرشده ويوجهه للمصلحة المعنية بالمرض، فلا وجود لمكتب استقبال، ولا لمكتب مساعدة اجتماعية وإرشاد. ولاحظت الدراسة وهي تتحدث عن عدم ملاءمة لغة التواصل، استعمال اللغة الفرنسية في تواصل الأطر الصحية مع المرضى أو مرافقيهم ويتم تفضيلها دون مراعاة الخصوصيات اللغوية المحلية إلا نادرا. في المقابل، أبرزت الدراسة، حالات عدم التفعيل القيمي للمرتفقين من منظور المهنيين، ترتبط بإهانة الأطر الصحية واستفزازها، والسعي إلى الاستفادة من الخدمات الصحية بطرق ملتوية. وقالت دراسة مجلس النواب، إن التنسيق بين قطاع الصحة وباقي القطاعات، يظل ضعيفا ولا يرقى إلى المطلوب، رغم أن صحة المواطن ترتبط بعوامل وظروف أخرى متداخلة. وفي موضوع عدم تفعيل قيم الأمانة والنزاهة، بالقطاع الصحي، ترى الدراسة أن زوار المريض، يضطرون في بعض الأحيان، إلى تقديم مبالغ مالية لحراس الأمن الخاص والممرضات قصد التمكن من زيارة قريبهم. ويحدث ذلك حتى إبان أوقات الزيارة القانونية. كما كشفت مظاهر أخرى للابتزاز والمحسوبية، لأجل تلقيح الأطفال، أو إجراء عملية جراحية، حيث يجبر بعض المرتفقين، في حين يستفيد آخرون، على اقتناء إبر الحقن وشراء معدات شبه طبية كخيوط الجراحة. الدراسة وهي تتطرق إلى التمييز وعدم المساواة في القطاع الصحي، قالت إنه أصبح عاديا اختلاف التعامل مع المرضى والمرتفقين بحسب وضعهم الاجتماعي ومستواهم التعليمي. كما أن تقاسم الانتماء الجهوي والقبلي مع أحد الأطر الصحية يعد امتيازا على حساب مرضى آخرين، ومن ثم ترى دراسة مجلس النواب، عدم تفعيل قيم العدالة المجالية والتوزيع المتكافئ للخدمات، مشيرة إلى استمرار وجود فوارق شاسعة بين انتشار المؤسسات الصحية بمدن المركز ونظيرتها بالمدن الواقعة في المحيط، خاصة بالمناطق الجبلية والواحات، وهي فوارق على مستوى جودة التجهيزات، وجودة الخدمات، وكثافة المؤسسات، بالإضافة إلى رصدها أيضاً تبعية الكثير من المستشفيات الإقليمية إلى المستشفيات الواقعة في بعض المدن الكبرى، وهذه التبعية تعود إلى نقص في التجهيزات والأطر تضيف الدراسة. وقالت دراسة مجلس النواب أيضاً، وهي تتحدث عن عدم الالتزام بقانون الوظيفة العمومية، إن بعض الأطباء في القطاع العمومي يخرقون القانون بالاشتغال في القطاع الخاص دون الاكتراث لما قد يكون لذلك من عواقب خطيرة على صحة المرضى وحياتهم. وكان مجلس النواب أطلق هذه الدراسة، بغرض تحديد أهم التغيرات القيمية التي حصلت في المجتمع المغربي الراهن، إضافة إلى اتجاهات وانتظارات المواطنات والمواطنين بخصوص مدى تفعيل القيم في المؤسسات العمومية والخاصة والمدنية من قبيل الأسرة، والمستشفى، والمدرسة، والمقاولة، والإدارة، والمحكمة، والجامعة، والإعلام، والجمعية. وشملت عينة الدراسة كافة جهات المملكة، و1600مستجوب عبر التراب الوطني. وتم توزيع أفراد العينة وفقا للحجم السكاني للمدن والجماعات القروية (كبيرة، متوسطة وصغيرة)". وتعني هذه الدراسة كل شخص، رجل أو امرأة، يتراوح سنه ما بين 18 و65 سنة، مقيم في المغرب وفي منطقة البحث لمدة تعادل أو تفوق 6 أشهر، وذو جنسية مغربية. وتم إنجاز هذه الدراسة على امتداد 10 أشهر تقريبا، بدءا من شهر فبراير 2022.