أجمع مشاركون في دراسة أجراها مجلس النواب أن الجامعة المغربية اليوم تعرف "تآكلا قيميا" يستنزف ادخارها القيمي عبر العقود الماضية. ومن أبرز انعكاسات وضعية الجامعة، بحسب ما جاء في الدراسة، التي حملت عنوان "القيم وتفعيلها المؤسسي: تغييرات وانتظارات لدى المغاربة"، وأنجزها مكتب الدراسات بمجلس النواب، تراجع الثقة بها، بفعل توالي حالات غياب قيم تكافؤ الفرص والاستحقاق والمساواة… وأشارت الدراسة إلى أن بجامعة اليوم حالات متواترة للزبونية والرشوة، في حين كانت الجامعة سابقا مثالا مؤسساتيا يقتدى به في القيم والأخلاق، وكانت تعيش ربيعا قيميا مناقضا للوضع الحالي، استفاد منه المجتمع قيميا بشكل كبير. واعتبرت الدراسة أن الجامعة المغربية كانت تتدافع فيها التيارات القيمية باختلاف مرجعياتها ومشاربها الفكرية ورهانات برامجها في الجامعة وخارجها بالمؤسسات الموازية، وهو الصراع القيمي الذي كان يساهم في التنشئة الفكرية للطلبة ويدعم تكوينهم العلمي والبيداغوجي. وأكدت الوثيقة أن ما تعيشه الجامعة من تغير قيمي يرجع، مهما اختلفت تمظهراته، إلى قيمتين أساسيتين تقلص وزنهما حاليا في الوسط الجامعي، ويتعلق الأمر بقيمتي الإنصات والتواصل. ويتقاسم المسؤولية عن ذلك شركاء الحياة الجامعية الذين يساهمون بالفعل، أو بالامتناع عن التصدي لمثل الاختلالات المشار إليها، في ما وصف "بالتردي القيمي" الذي تعرفه الجامعة اليوم. وقد عرض بعض المشاركين ما بدا لهم تغيرا ملفتا ومؤثرا، حدد في تسارع تغير القيمة الوظيفية للجامعة من تكوين باحثين إلى تكوين تقنيين، وتغير أشكال التواصل بين الجامعة والمرتفقين، حيث بقدر تعدد وسائل التواصل، بقدر تقلصه فعليا، ثم ظهور تخصصات علمية جديدة، وتزايد حظوظ متابعة الدراسة في مستويات أعلى من الإجازة، إضافة إلى تنامي عدد الأستاذات والفتيات الطالبات اللواتي التحقن بالجامعة. هذا، وأطلق مجلس النواب هذه الدراسة بغرض تحديد أهم التغيرات القيمية التي حصلت في المجتمع المغربي الراهن، إضافة إلى اتجاهات وانتظارات المواطنات والمواطنين بخصوص مدى تفعيل القيم في المؤسسات العمومية والخاصة والمدنية من قبيل الأسرة، والمستشفى، والمدرسة، والمقاولة، والإدارة، والمحكمة، والجامعة، والإعلام، والجمعية. وشملت عينة الدراسة كافة جهات المملكة، و1600مستجوب عبر التراب الوطني. وتم توزيع أفراد العينة وفقا للحجم السكاني للمدن والجماعات القروية (كبيرة، متوسطة وصغيرة)". وتعني هذه الدراسة كل شخص، رجل أو امرأة، يتراوح سنه ما بين 18 و65 سنة، مقيم في المغرب وفي منطقة البحث لمدة تعادل أو تفوق 6 أشهر، وذو جنسية مغربية. وتم إنجاز هذه الدراسة على امتداد 10 أشهر تقريبا، بدءا من شهر فبراير 2022.