أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الأربعاء بدافوس، أن المغرب دشن مرحلة جديدة من التنمية، تتميز ببناء الدولة الاجتماعية. وقال في مداخلة ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي إن الحكومة تمكنت، خلال سنة واحدة، وفي احترام تام للأجندة الملكية، من وضع الإطار التنظيمي للتأمين الإجباري عن المرض، وضمان الحقوق لثلثي المواطنين الذين لم يستفيدوا منه حتى هذا الحين. وأضاف أنه، خلال هذه السنة، يتمثل الطموح في الذهاب أبعد من ذلك، بتعميم الدعم المباشر على شكل تعويضات عائلية، بفضل نظام استهداف فعال للمساعدة الاجتماعية. وبالموازاة مع ذلك، ذكر أخنوش خلال الجلسة التي نشطها الرئيس المؤسس لمنتدى دافوس، كلاوس شواب، بأن الحكومة واجهت بحزم الأزمات المتعددة التي تخللت سنة 2022: الطاقية مع الارتفاع القياسي في الأسعار العالمية، والمناخية مع أسوأ جفاف يسجل منذ 40 عاما، والنقدية مع عودة التضخم. ويتعلق الأمر باتخاذ تدابير لمرافقة ودعم الميزانية، وكذلك المحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية، والإصلاحات ذات الأولوية. وأبرز في هذا الإطار نجاح الحكومة في ضمان التموين، واحتواء التضخم والاستمرار في تقليل العجز الموروث من عام 2020. وفي 2023، يتابع رئيس الحكومة، تم الحرص على تخصيص ثلث ميزانية الدولة للصحة والتعليم، من بينها 7 مليارات دولار مخصصة للمدرسة، لأن الهدف هو "إعادة بناء الثقة في المدرسة العمومية وتقوية المهارات الأساسية لجميع التلاميذ". في المقابل، أكد أخنوش الحاجة إلى مضاعفة الفرص أمام الشباب للولوج لسوق الشغل وتحرير طاقاتهم الإبداعية، مبرزا أن المغرب يهدف إلى خلق رابط قوي بين ما هو اقتصادي واجتماعي، مع ترسيخ الانتقال البيئي. من جهة أخرى، قال رئيس الحكومة، إن المغرب شريك مثالي يتوفر على جميع المؤهلات لتحويل تحديات الظرفية، مع شركائه، إلى فرص، مؤكدا التزام حكومته الكامل بمرافقة الشركاء في المشاريع الاستثمارية، من خلال الإصلاحات المتسارعة والتحسين الدائم لظروف الاستثمار، في أفق "أن نبني معا مسار خلق قيمة مشتركة". وقال إنه في عالم متعدد الأقطاب، أصبحت المملكة تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نموذجا إقليميا، مذكرا ببناء مؤسسات حديثة وديمقراطية جسدها دستور 2011، وإصلاح مدونة الأسرة، وإطلاق الجهوية المتقدمة كآلية للديمقراطية التشاركية. وأشار رئيس الحكومة الى إرساء البنى التحتية وفقا لأفضل المعايير الدولية، والتي منحت المغرب اتصالا جويا – بريا – بحريا لا مثيل له في المنطقة (2000 كيلومتر من شبكة الطرق السريعة، أول خط للسكك الحديدية فائق السرعة في إفريقيا، أكبر ميناء في القارة على المتوسط، وقريبا أكبر ميناء على المحيط الأطلسي… بالإضافة إلى 14 مطارا دوليا توفر قدرة ربط كبيرة جدا بالقارة الإفريقية). وأبرز أن هذه البنى التحتية مكنت المغرب من التمتع بفلاحة مرنة، بقطاع سياحي جد جذاب، وصناعات عالية الأداء، مثل السيارات أو صناعة الطيران، اللتين جعلتا المملكة وجهة مرجعية. وعلى الصعيد القاري، سجل أخنوش أن المغرب ربط علاقات ثقة تؤسس لفاعليته كشريك متميز، مذكرا بأن الزيارت الإفريقية للملك محمد السادس، على مدى السنوات العشرين الماضية (أكثر من 50 زيارة) مكنت من توقيع أكثر من 1000 اتفاقية تعاون. وهكذا، يتابع رئيس الحكومة، ففي مواجهة ردود الفعل الحمائية، رأت النور في إفريقيا منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. وبفضل قوة اتفاقيات التجارة الحرة التي تربطه مع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة، يتيح الاستثمار في المغرب الولوج إلى سوق يضم ملياري مستهلك. وفي السياق ذاته، أكد أخنوش أن المغرب بات أيضا رائدا في التنمية المستدامة، التي تشكل التحدي الاقتصادي والبشري للجيل الحالي، "وبالتالي، فإن الطاقات المتجددة تمثل 38 في المائة من مزيج الطاقة لدينا، إذ نتطلع لرفعها إلى أكثر من 50 في المائة بحلول عام 2030". كما استعرض ميزة المغرب التنافسية، فيما يتعلق بالطاقات المتجددة، موضحا رهان المملكة على تنمية قطاع الهيدروجين الأخضر، لتكون "فاعلا رئيسيا في إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي". في ملتقى الطرق بين أوربا والمحيط الأطلسي وإفريقيا، يقول أخنوش، فإن الإمكانيات الجيوستراتيجية المتميزة للمغرب، تضعه في موقع إيجابي لإعادة تنظيم سلاسل القيمة العالمية. وعلى هذا الأساس، تبنى المغرب ميثاقا جديدا للاستثمار، يضع إطارا جديدا جذابا ومحفزا يستهدف جميع المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، ومختلف أنواع الاستثمارات، صغرى كانت أو كبرى. ويشكل هذا الميثاق، بحسبه، أيضا الدافع وراء الإصلاحات التي همت مؤخرا تبسيط الإجراءات الضريبية وملاءمتها مع أفضل المعايير الدولية، وذلك عبر خفض العبء الضريبي على المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تشكل واحدة من رافعات النمو الاقتصادي في البلاد.