رغم أن الاستنفار الأمني والتعزيزات العسكرية أمر مطلوب لمواجهة التهديدات العسكرية التي تواجهها المملكة، إلا أن المعلومة تبقى السلاح الأكثر اهمية، حسب ما يؤكد الخبير العسكري عبد الرحمان مكاوي في هذا الحوار مع "اليوم 24". بماذا تفسر الاستنفار العسكري الذي تعرفه المملكة؟
هذه الاجراءات هي احترازية استباقية تسعى الى اجهاض كل محاولة للمس بالأمن الوطني للبلاد، سواء الداخلي او الخارجي، ولمواجهة تهديدات ومخاطر ثبتت وتأكدت للدولة المغربية بناء على معلومات استخباراتية توصلت بها عن طريق شركائها في مكافحة الارهاب، وأخص بالذكر الولايات المتحدةوفرنسا واسبانيا والجزائروتونس . وبالتالي هذه الاجراءات هي اجراءات لرد العدوان، ولإفشال كل محاولة إرهابية خاصة بعد اختفاء 11 طائرة مدنية ليبية في مطار طرابلس الدولي، حيث هناك تخوفات من أن تقع في ايدي تنظيم ارهابي كتنظيم التوحيد والجهاد في دول الساحل وغرب افريقيا أو أنصار الشريعة أو غيرها من التنظيمات. وهذه التخوفات منطقية.
إذن الاجراءات التي تعرفها البلاد وخاصة كل ما يتعلق بالامن الجوي ، هي لمواجهة هذه الأخطار، حيث رأينا ان المغرب كبلدان افريقيا كالجزائروتونس والأمر وصل إلى نيجيريا ، توجد في حالة استنفار قصوى خاصة انها وضعت لاول مرة دفاعاتها الجوية في حالة تأهب.
ما درجة خطورة التهديدات الإرهابية التي تواجهها المملكة؟
حسب المعطيات تم نشر صواريخ مضادة للطائرات ومدافع طويلة المدى بمعيار 12 متر ونصف و 14 متر ونصف وهي كلها دفاعات ضد الطيران، يعتقد حسب المعلومات الاستخباراتية التي توصل بها المغرب ان هناك نية لبعض التنظيمات الارهابية للقيام بعمليات تضرب فيها بعض القطاعات الحساسة في المغرب وفي الجزائر وفي تونس في ذكرى أحداث 11 شتنبر.
فنحن امام خطر جوي بدليل أن كل هذه الدول وضعت دفاعاتها الجوية في حالة استنفار فكل المرافق الحساسة في المملكة هي تحت المراقبة، وكل طائرة أو منطاد أو طائرة دون طيار لا تحصل على رخصة مثبتة من طرف القوات الجوية الملكية يتم اسقاطها في الحين، اضافة الى ان المغرب يتوفر على رادارات متطورة اقتناها من فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية
من المعروف ان التنظيمات الارهابية لا تشتغل بمنطق الحرب التقليدية ، أي أنها تنهج أساليب أخرى كحرب العصابات والهجمات المتفرقة وغيرها من الأساليب غير التقليدية، فهل هذه التعزيزات العسكرية كفيلة بردع هكذا هجمات من هذه التنظيمات؟
الارهاب هو أنواع وأشكال، فهناك إرهاب الدول وإرهاب الجماعات وإرهاب الأفراد، وبالتالي الإرهاب لا وجه له ولا دين ولا مكان له ولا سلاح محدد له، فحتى الولايات المتحدةالأمريكية كما رأينا في أحداث شتنبر ورغم امكانياتها الاستخباراتية والتكنولوجية الكبيرة لم تستطع إفشال هذه الضربات، وبالتالي الارهاب قد يضرب في المكان الذي لا تنتظره الدولة و الشعوب، وهو يبحث عن الفرص التي يحدث بها أضرارا كبيرة تقوم على إثرها ضجة اعلامية. وبالتالي الدولة تقوم بواجباتها الردعية، وهي في يقظة مستمرة، وتستمر في استراتيجيتها الأمنية التي أجهضت العديد من الخلايا الارهابية، التي قد تصل الآن إلى 100 خلية تم تفكيكها بالإضافة إلى الذئاب المنفردة.
هل لدى المغرب استعدادات كافية وخبرات كافية لما يسمى الجيل الرابع من الحروب، أي مواجهة اللادولة والجماعات والتظيمات الإرهابية المتفرقة؟
اليوم كل الدول كما المغرب تحارب هذه الآفة التي أصبحت الآن تتوفر على امكانيات كبيرة كما هو الحال بالنسبة لدولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام التي يتزعمها أبو بكر البغدادي، والتي استطاعت ان تهزم الجيش العراقي وتغنم معدات متطورة لثلاث فيالق ، إلى جانب توفرها الآن على آبار بترول وسيطرتها على اكبر سد في الشرق الاوسط وهو سد "الفرات"، إذن هي الآن تتوفر على امكانيات عسكرية ضخمة وتمويلات كبيرة وتبعا لذلك تحاول تصدير هذا الارهاب من الموصل وصولا إلى نيجيريا، لذلك قامت بتجنيد العديد من الشباب المغاربي والافريقي والعربي. إذن داعش تهديد ملموس وحقيقي لكل دول العالم.
بالنسبة للمملكة فقد وقعت سنة 2003 ضحية للإرهاب بعد تفجيرات الدارالبيضاء، ومنذ ذلك الحين عملت على مراكمة خبرات متعددة، وعلى بناء استراتيجيتها الاستباقية ويقظتها على إعداد بنك للمعلومات حول هذه الظاهرة، لأن السلاح الفتاك للقضاء على الإرهاب هو المعلومة، فالإرهاب يخاف من المعلومة ومن أن تتسرب مخططاته إلى الدول التي تحاربه. إذن الإرهاب لا تقضي عليه الطائرات ولا الصواريخ ولا المدافع على الرغم من ضرورة القيام بإجراءات احترازية، إلا ان المعلومة هو السلاح الذي يمكن من تقليص اخطار هذا الغول الذي يزحف على العالم بشكل خطير في الآونة الأخيرة .
إلى ذلك، المملكة المغربية والأجهزة الأمنية هي حاضرة في الأراضي التي تشهد المعارك في سورياوالعراق وغيرها من بؤر التوتر لمحاصرة الإرهاب في منبعه، فهي لاتنتظر حصول الارهاب بل هي حاضرة في جميع المواقع وتتابع تحركات من يسعى لتهديد استقرار المملكة. والمغرب يبني معلوماته على عدة وسائل سولء التجسس التكنولوجي بمختلف وسائله والأقمار الاصطناعية والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ومواقع التنظيمات الإرهابية، والمغرب يعتمد في الأساس على المعلومات الصادرة عن الانسان سواء الأمني أو المغربي بشكل عام اضافة الى هذه المصادر الاخرى.