بعد أربع محاولات فاشلة والكثير من التشكيك والانتقادات، تمكن ليونيل ميسي أخيرا من تحقيق حلم إحراز كأس العالم والجلوس بالتالي عن يمين الراحل دييغو مارادونا الذي كان آخر من يقود الأرجنتين الى التتويج العالمي، وذلك بقيادة "ألبيسيليستي" للفوز على فرنسا بركلات الترجيح في نهائي سجل خلاله ثنائية (3-3 في الوقتين الأصلي والإضافي) الأحد في لوسيل. والآن بعد هذا التتويج الذي طال انتظاره والذي تحقق في مشاركته المونديالية الأخيرة، لا يمكن لأحد أن يشكك بمكانة ميسي كأحد عظماء اللعبة وحتى قد يذهب كثر لاعتباره أفضل حتى من مارادونا أو الأسطورة البرازيلية بيليه الفائز باللقب العالمي ثلاث مرات. انتظر ميسي ثمانية أعوام لتعويض فرصة فاتته عام 2014 في البرازيل عندما خسر النهائي أمام ألمانيا، ونجح في أن يجعل التتويج وداعا مثاليا لمغامرته في المونديال. باندفاع وحماس وحتى غضب غير مألوف أظهره في ربع النهائي ضد هولندا، حمل ميسي منتخب الأرجنتين الى لقبه العالمي الثالث. في مشاركته الخامسة، أظهر ميسي شخصية مختلفة عن أي من مشاركاته السابقة بألوان المنتخب الأرجنتيني ولعب بأهدافه السبعة، آخرهما حين افتتح التسجيل الأحد في المرمى الفرنسي قبل أن يعيد بلاده الى المقدمة 3-2 بعد التمديد، وتمريراته الحاسمة الثلاث، الدور الرئيسي في منح فريق المدرب ليونيل سكالوني فرصة تاريخية الأحد على استاد لوسيل، في مواجهة منتخب كان يحلم بأن يصبح أول من يحتفظ باللقب منذ برازيل بيليه عام 1962. وحتى أن مدرب فرنسا ديدييه ديشان أقر أن ميسي 2022 مختلف عما كان عليه حين تواجه المنتخبان عام 2018 في ثمن النهائي، عندما فاز "الديوك" 4-3 في طريقهم الى لقبهم العالمي الثاني. وقال ديشان عن ابن ال35 عاما "كثير من الأشياء تغيرت في ميسي مقارنة بالمباراة قبل أربعة أعوام. ميسي يتألق حقا في هذه البطولة". ورأى "أنه أحد أفضل اللاعبين في العالم وقد أظهر ذلك"، فيما أقر المهاجم الفرنسي أنطوان غريزمان أن "فريقا يوجد فيه +ليو+ يكون الأمر مختلفا ". كأس وحيدة كانت تنقصه ليصبح الأعظم. حلم ميسي بتتويج عنقه بالغار وقيادة الأرجنتين للقبها الثالث بعد 1978 على أرضها و1986 في المكسيك الذي صبغه "الفتى الذهبي" بتحفته الكروية الشهيرة أمام انكلترا. بعد أيام قليلة من وفاة مارادونا في نوفمبر 2020، سجل ميسي هدفا مع برشلونة أمام أوساسونا في الدوري الإسباني ليخلع قميص ال "بلاوغرانا" ويكشف عن آخر لفريق نيويلز أولد بويز تكريما لمواطنه، حمل الرقم 10 مع اسم دييغو. في هذا النادي في روساريو، مسقط رأسه، تلق ن ميسي فنون كرة القدم. وفي طفولته، قبل انضمامه إلى برشلونة في سن 13 عاما حيث بنى اسطورته الكروية، أعجب "البرغوث" الصغير بمارادونا العائد من أوروبا لإنهاء مسيرته في الأرجنتين بألوان فريقي نيويلز ثم بوكا جونيورز. مذاك، فاز ميسي بكل شيء: سبع كرات ذهبية لأفضل لاعب في العالم، أربعة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، جملة من الألقاب في الدوري الاسباني والفرنسي مع برشلونة ثم باريس سان جرمان الفرنسي، كما أضاف إلى سجله لقب كوبا أميركا الصيف الماضي، في أو ل تتويج قاري ل "راقصي التانغو" منذ عام 1993. سجل ميسي مئات الأهداف وسحر عالم كرة القدم بمراوغاته وتمريراته وابتكاراته وسرعته. هو قائد المنتخب الأرجنتيني وأفضل هداف في تاريخه (98 هدفا ) والأكثر ارتداء للقميص (172 مباراة دولية). غير أن المونديال عانده قبل أن يفك عقدته الأحد في لوسيل في مباراته ال1025 دوليا وعلى صعيد الأندية (799 هدفا ). رأى خورخي سامباولي مدرب الأرجنتين السابق أن "كرة القدم ت دين لميسي بكأس العالم"، وذلك قبل أشهر قليلة من الفشل الذي رافقه في مونديال روسيا 2018، حيث تعثر في ثمن النهائي أمام فرنسا بالذات. بالنسبة لبعض المراقبين، فإن الفوز بكأس العالم ليس سوى مجرد تفصيل صغير، فميسي هو الأفضل إن فاز بكأس العالم أم لا. وبالنسبة للآخرين، سيكر س كأعظم لاعب في التاريخ في حال تو ج بلقب المونديال، وبالنسبة للبعض، وخاصة الأرجنتينيين أو جماهير نادي نابولي الإيطالي، فإن مارادونا في مجرة أخرى لا يمكن الوصول إليها. رأى دانيال بيرتوني، بطل العالم مع الأرجنتين عام 1978 وزميل مارادونا في نابولي بين عامي 1984 و1986، في حديث لوكالة فرانس برس، "دييغو كان المعبود المطلق لأكثر من جيل وميسي هو الأفضل لجيل الشباب. أعتقد أنه لا يمكن أن يتفوق عليه إلا إذا توج بطلا للعالم وفرض نفسه نجما للمونديال وأفضل هداف، وسجل هدفا على غرار هدف دييغو". فهل الفوز بكأس العالم سيحسم الجدل بشأن من الأفضل بينهما؟. في رده على سؤال لوكالة فرانس برس أجاب خورخي بوروتشاغا صاحب هدف الفوز للأرجنتين بتمريرة من مارادونا أمام ألمانيا الغربية 3-2 في نهائي مونديال 1986 "ميسي لن يكون أفضل أو أسوأ من مارادونا أو أي شخص آخر، سواء فاز أو خسر. سيدخل التاريخ بغض النظر عن النتيجة". وتابع "أتمنى أن يفوز بكأس العالم، هي أمنية كافة الأرجنتينيين. لاسيما بالنسبة له، هذه فرصته الأخيرة كي يرد أيضا على كل الانتقادات التي طالته رغم أنه لم يبخل بنقطة عرق. إنه يبلغ 35 عاما لكنه يلعب كما لو كان شابا في العشرين من عمره"، وهذا ما أكده حين واصل كفاحه في الشوطين الإضافيين رغم أن الوتيرة كانت مع الفرنسيين الذين عوضوا تخلفهم صفر-2 بهدفين لمبابي في غضون دقيقة (80 و81) وأعطى بلاده التقدم قبل أن يعادل زميله في سان جرمان مجددا ويجر الفريقين لركلات الترجيح الت يسجل فيها أيضا ميسي.