الداعية المصري الشيخ يوسف القرضاي، الذي توفي اليوم الاثنين، يعد أحد أبرز الدعاة المقربين من جماعة الإخوان المسلمين وتتهم السلطات المصرية القرضاوي بأنه الزعيم الروحي لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ العام 2013 بعدما أطاح الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان قائدا للجيش في يوليوز من ذلك العام بالرئيس المنبثق عن الإخوان محمد مرسي. وفي 2015، أكدت محكمة جنايات القاهرة الثلاثاء حكم الإعدام في حق الرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي في القضية المعروفة إعلاميا باسم "اقتحام السجون". وحوكم في القضية 129 متهما بينهم 27 كانوا موقوفين و102 هاربين بينهم أعضاء في حركة حماس الفلسطينية وفي حزب الله اللبناني. وقضت المحكمة غيابيا بإعدام أكثر من 90 من المتهمين الهاربين بينهم القرضاوي. وفي العام ذاته، أحالت النيابة العامة المصرية 38 اسلاميا مصريا، بينهم القرضاوي، على محكمة عسكرية، متهمة إياهم بانشاء خلايا مسلحة قتلت ضابط شرطة. وحوكم القرضاوي غيابيا. وكان القرضاوي يترأس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، وقد وضعته السعودية ودول خليجية وعربية أخرى على لائحة لشخصيات "ارهابية". وكان تواجده في قطر أحد أسباب مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر للدوحة لعدة سنوات. وكسب القرضاوي شهرته من خلال قناة "الجزيرة" القطرية حيث كان يطل للدعوة لدعم الحركات الإسلامية خصوصا أثناء فترة ما عرف بالربيع العربي. في عام 2008، احتل القرضاوي الرتبة الثالثة من بين 20 شخصية على لائحة أكثر المفكرين تأثيرا على مستوى العالم، وذلك في استطلاع أجرته مجلتا "فورين بوليسي" و"بروسبكت". القرضاوي من وجهة نظر مناصريه صاحب "مذهب فقهي خاص"، بالنظر إلى اعتدال فتاويه الفقهية التي لم تكن تجد ترحيبا عند بعض أقرانه، فقد كان حسب هؤلاء "يقدم الرأي على الدليل الشرعي استجابة لمتطلبات العصر الحديث". كَان الراحل يرد على منتقديه، بكون الإسلام يفرض الاعتدال، وليس ضعوط الحياة العصرية، مشيرا إلى أن ما يصدر عنه من آراء فقهية "يستند إلى قواعد واضحة في أصول الفقه". القرضاوي كان غزير الإنتاج في مجال تخصصه، في رصيده ما يزيد على 170 من المؤلفات، كما ظل في قسط كبير من حياته يشارك في الكثير من المؤتمرات والندوات في مختلف الدول العربية والغربية، ومن أشهر كتبه "الحلال والحرام في الإسلام" و"فقه الزكاة" و"المرجعية العليا في الإسلام للكتاب والسنة..ضوابط ومحاذير في الفهم والتفسير"، و"الإسلام والعلمانية..وجها لوجه". كما ظل الراحل يشارك في العديد من البرامج التلفزيونية، من أشهرها برنامج "الشريعة والحياة" الذي ظل يلتقي فيه بمشاهدي قناة "الجزيرة"، منذ انطلاقة هذه الأخيرة، وبعدها بلسنوات طويلة وكانت حلقاته تسجل نسبة مشاهدة كانت تصل إلى حوالي 60 مليون مشاهد. القرضاوي ظل منخرطا في الدفاع عن الديمقراطية والإصلاح السياسي، وظهر ذلك في ثورات ما سمي إعلاميا بالربيع العربي، سيما ما جرى بمصر، حيث ظل يدعو من منبر خطبة الجمعة بقطر إلى "جمعات الغضب" وقبلها كان يؤيد العمليات الاستشهادية بفلسطين، وهو ما جعل منه شخصية مثيرة للجدل في واشنطن والغرب. رفضت بريطانيا منحه تأشيرة الدخول إلى أراضيها بسبب تأييده العمليات الاستشهادية التي يقوم بها الفلسطنييون، كما منعته فرنسا من دخول أراضيها بوصفه شخص غير مرحب به في فرنسا. سبق للقرضاوي أن تم وضعت إسمه الشرطة الدولية (إنتربول)، لوائح المطلوبين دوليا بتهمة التحريض على العنف والإرهاب، بناء على طلب من الحكومة المصرية. القرضاوي، بسبب مواقفه أسقط الأزهر عضويته وعضويته الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذين ترأسه لسنوات. القرضاوي المولود عام 1926 في مُحَافظة الغربية في مصر، ونشأ يتيما وتمكن من الحصول على العالمية من الأزهر، هرب من مصر إلى قطر بسبب تعرضه للتضيييق لانتسابه مبكرا إلى جماعة الإخوان المسلمين، أدى إلى اعتقاله إبان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. الراحل الذي عُرض عليه تولي منصب المرشد العام للإخوان المسلمين بمصر عدة مرات لكنه رفض، أبدى ترحيبه بتولي "الإخوان" حكم مصر. توجه القرضاوي فور سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011 إلى القاهرة حيث أم المصلين في ميدان التحرير. شكل القرضاوي الذي احتضنته دولة قطر، نقطة الخلاف الأساسية بين دول الخليج العربي في الفترة الأخيرة، رغم أنه صرح أكثر من مرة بأنه "لايعبر عن موقف الحكومة القطرية". عاش القرضاوي منذ سنة 1961 في قطر التي منحته جنسيتها، وشغل عدة مناصب بها منها إدارته للمعهد الديني الثانوي، وتأسيسه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر التي ظل عميدا لها إلى نهاية 1990.