بعد أن أصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارا تأديبيا بعزله، تمّت إحالة ملف نائب الوكيل العام للملك لدى استئنافية الجديدة المتهم بتلقي رشاوى، على رئيس الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، والذي من المنتظر أن يوجه طلبا بمتابعة القاضي إلى الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف التي يحددها في إطار قواعد الاستثناء المعمول بها في قانون المسطرة الجنائية، على أن يحيل هذا الأخير، في إطار ملتمس مكتوب، الملف على قاضي التحقيق بنفس المحكمة، يطلب منه فتح تحقيق في القضية يستهله بالاستنطاق الأولي والتفصيلي للقاضي، الذي يتهمه أحد المدانين بالاتجار الدولي في المخدرات، وبتسليمه رشوة قدرها 78 مليون سنتيم مقابل إلغاء مذكرة بحث وطني صادرة في حقه. ورجحت مصادر متابعة للملف، بأن تتم إحالة الملف على استئنافية مراكش التي تتوفر على غرفة خاصة بجرائم الأموال، فضلا عن كونها تقع خارج الدائرة السابقة لعمل القاضي، وهي التي تتولى البت في الملف في إطار المسطرة الأصلية، حيث من المقرر أن يمثل، يوم الخميس، أمام المحكمة عينها في حالة اعتقال وثلاثة متهمين في هذه القضية المثيرة للجدل، والتي تعود وقائعها إلى شهر مارس من السنة المنصرمة، حين كان المتهم بالاتجار في المخدرات يمر بواسطة سيارته بحاجز للدرك الملكي عند مدخل مدينة خنيفرة، حيث وقع له خلاف بسيط مع أحد الدركيين، الذي أصر على إجراء بحث للتأكد من هوية صاحب السيارة الفارهة، قبل أن يفاجأ بأنه موضوع مذكرة بحث على الصعيد الوطني، من أجل تهمة الاتجار الدولي في المخدرات. وإثر مواجهته بالاتهام، صرح أمام رجال الدرك الملكي بأن أحد أقاربه يرتبط بعلاقة صداقة مع صاحب مؤسسة فندقية بورزازات، والذي عرض عليه قبل سنتين التدخل لدى قاض يشغل نائبا للوكيل العام للملك بنفس المدينة، مدعيا بأن علاقاته بجهات نافذة في وزارة العدل ستسهل عليه مأمورية إلغاء المذكرة، مقابل رشوة بملبغ 78 مليون سنتيم، تسلم منها القاضي 50 مليونا، واحتفظ الوسيط لنفسه بالباقي. وأكد المتهم بأنه لم تساوره أدنى شكوك في أن القاضي أنجز المطلوب منه، خاصة وأنه أصبح بعد «إبرام الصفقة» دائم التردد على مختلف الإدارات، حيث تمكن من تجديد بطاقته الوطنية بمدينة أكَادير. وبعد إحالته عليها في حالة اعتقال من طرف درك خنيفرة، أنجزت الشرطة القضائية بورزازات البحث التمهيدي، الذي استهلته بالاستماع إلى المتهم، والذي أعاد رواية ما سبق أن صرح به أمام الدرك الملكي. وللتأكد من صحة اتهاماته للوسيط، سُمح له بإجراء مكالمة هاتفية ذكّره فيها ببنود الاتفاق، بينما دعاه الوسيط -من جهته- بألا يخاف من شيء في تنقلاته وتردده على الإدارات والمصالح الأمنية بدعوى أن المذكرة قد تم إلغاؤها. وعند الاستماع إلى الوسيط، نفى أمام الشرطة القضائية وساطته في الرشوة، قبل أن ينهار ويعترف بالمنسوب إليه إثر مواجهته بتسجيل للمكالمة الهاتفية التي أجراها مع المتهم الرئيسي في القضية، وهي العملية التي تمت بتعليمات من الوكيل العام للملك الذي أصدر أمرا بالتنصت وتسجيل المكالمات الهاتفية للوسيط. هذا، وقد أحال الوكيل العام للملك لدى استئنافية ورزازات الملف على قاضي التحقيق بنفس المحكمة، قبل أن يوجّه وزير العدل والحريات رسالة إلى الوكيل العام، يطالبه فيها بإحالة الملف على الغرفة المكلفة بجرائم الأموال باستئنافية مراكش، والتي يمتد اختصاصها ليشمل كافة مناطق الجنوب، حيث قام يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة المكلفة بجرائم الأموال، بالاستماع إلى التاجر وقريبه والوسيط، قبل أن تتم إحالتهم في حالة اعتقال على غرفة الجنايات الابتدائية. يشار إلى أن نفس القاضي يتابع في ملف آخر بتلقي رشوة، حيث سبق لمهاجر مغربي بالديار البلجيكية، يتحدر من ورزازات، أن اتهمه بالتزوير وبتسلم رشوة منه مدليا بما يعتبره «قرائن وإثباتات» تؤكد روايته، قبل أن يصدر قرار بتعيين القاضي نائبا للوكيل العام للملك بمدينة الجديدة، ويتم إحالة ملفه على المجلس الأعلى للقضاء.