مثل أمام غرفة الجنايات الابتدائية باستئافية مراكش، يوم الخميس،في حالة اعتقال ثلاثة متهمين في ملف نائب الوكيل العام للملك لدى استئنافية الجديدة المتهم بتلقى رشوة قدرها 78 مليون سنتيم مقابل إلغاء مذكرة بحث وطني صادرة في حق أحد المدانين في المخدرات. وقد حددت المحكمة 30 يناير الجاري تاريخا للجلسة الثانية من المحاكمة،استجابة لمتلمس من أجل إعداد الدفاع تقدم به محامون ينوبون عن المتهم بتقديم الرشوة،بالإضافة إلى وسيطين،بينما لازال الأمر بإحالة القاضي على المحاكمة معلقا إلى حين صدور قرار المجلس الأعلى للقضاء.
وتعود وقائع القضية إلى شهر مارس من السنة المنصرمة،حين كان المتهم بالاتجار المخدرات يمر بواسطة سيارته بحاجز للدرك الملكي عند مدخل مدينة خنيفرة،فوقع له شنآن بسيط مع أحد الدركيين،الذي أصر على إجراء بحث روتيني بسيط للتأكد من هوية صاحب السيارة الفارهة،قبل أن يفاجأ بأنه موضوع مذكرة بحث على الصعيد الوطني من أجل تهمة الاتجار الدولي في المخدرات. وإثر مواجهته بالاتهام،صرح أمام رجال الدرك الملكي بأن أحد أقاربه يرتبط بعلاقة صداقة مع صاحب مؤسسة فندقية بوارزازات،والذي عرض عليه قبل سنتين التدخل لدى قاض يشغل نائبا للوكيل العام للملك بنفس المدينة،مدعيا بأن علاقاته بجهات نافذة في وزارة العدل ستسهل عليه مأمورية إلغاء المذكرة،مقابل رشوة بملبغ 78 مليون سنتيم تسلم منها القاضي 50 مليونا واحتفظ الوسيط لنفسه بالباقي. وأكد المتهم بأنه لم تساوره أدنى شكوك في أن القاضي أنجز المطلوب منه، خاصة وأنه أصبح بعد"إبرام الصفقة" دائم التردد على مختلف الإدارات،حيث تمكن من تجديد بطاقته الوطنية بمدينة أكَادير. وبعد إحالته عليها في حالة اعتقال من طرف درك خنيفرة، أنجزت الشرطة القضائية بوارزازات البحث التمهيدي،الذي استهلته بالاستماع إلى المتهم،الذي أعاد رواية ما سبق أن صرح به أمام الدرك الملكي.وللتأكد من صحة اتهاماته للوسيط،سُمح له بإجراء مكالمة هاتفية مع الوسيط ذكّره فيها ببنود الاتفاق،بينما دعاه الوسيط من جهته بألا توجس خيفة في تنقلاته وتردده على الإدارات والمصالح الأمنية بدعوى أن المذكرة قد تم إلغاؤها. وعند الاستماع إلى الوسيط، نفى أمام الشرطة القضائية وساطته في الرشوة، قبل أن ينهار و يعترف بالمنسوب إليه، إثر مواجهته بتسجيل للمكالمة الهاتفية التي أجراها مع المتهم الرئيس، وهي العملية التي تمت بتعليمات من الوكيل العام للملك الذي أصدر أمرا بالتنصت وتسجيل المكالمات الهاتفية للوسيط. هذا،وقد أحال الوكيل العام للملك لدى استئنافية وارزازات الملف على قاضي التحقيق بنفس المحكمة،قبل أن يوجّه وزير العدل والحريات مؤخرا رسالة إلى الوكيل العام، يطالبه فيها بإحالة الملف على الغرفة المكلفة بجرائم الأموال باستئنافية مراكش،و التي يمتد اختصاصها ليشمل كافة مناطق الجنوب،حيث قام يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش، بالاستنطاق التمهيدي والتفصيلي للمتهم وقريبه والوسيط،قبل أن تتم إحالة الملف على غرفة الجنايات الابتدائية. يشار إلى أن المجلس الأعلى للقضاء لازال لم يبت بعد في ملف آخر لنفس القاضي،يتهمه فيه مهاجر مغربي بالديار البلجيكية، يتحدر من وارزازات، بالتزوير و بتسلم رشوة منه مدليا بما يعتبره"قرائن وإثباتات"تؤكد روايته،قبل أن يصدر قرار بتعيين القاضي بمدينة الجديدة نائبا للوكيل العام للملك.