أسدل البرلمان، مساء أول أمس الأربعاء، الستار على فصول الضجة التي أثارتها جمعيات حقوقية عديدة حول تزويج القاصرات من مغتصبهن، حيث تمت المصادقة على مقترح قانون يمنع تزويج الفتاة القاصر من مغتصبها. وصادق البرلمان في جلسة عامة، وبإجماع أعضائه أغلبية ومعارضة على مقترح القانون الذي يقضي بتعديل الفصل 475 من القانون الجنائي، والقاضي برفع الحصانة عن المغتصب ومنعه من تزويج المغتصبة. وكان الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين تقدم بهذا المقترح مباشرة بعد تفجر قضية أمينة الفيلالي، التي انتحرت بعد تزويجها من مغتصبها، وسبق أن صادقت عليه لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بإجماع أعضائها في مجلس النواب، كما رفع للجلسة العامة التي صادقت بدورها عليه. وقالت النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة، خديجة الرويسي، تعليقا على المصادقة على هذا التعديل: «يمكننا أخيرا القول أن أمينة الفيلالي ترقد بسلام. منذ 2012 كان علينا الانتظار وبفضل هذا النضال الذي قامت به المنظمات الحقوقية، والتعبئة من جانب بعض المجموعات البرلمانية استطعنا الوصول إلى هنا». من جهتها، قالت فاطمة المغناوي الناشطة الحقوقية في سبيل حماية النساء من العنف: «إنها خطوة مهمة جدا، لكن هذا ليس كافيا، ندعو إلى مراجعة كاملة للقانون الجنائي بالنسبة للنساء». إلى ذلك، تضاربت مواقف الجمعيات الحقوقية حول قرار المصادقة على تعديل الفصل 475، وفي الوقت الذي أشادت فيه بعض الجمعيات بالقرار، اعتبرته أطراف أخرى قرارا ناقصا، خصوصا بعد حذف الفقرة الثانية من الفصل المثير للجدل، والتي تنص على أن «القاصرة التي اختطفت أو غرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها، فإنه لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا». وبهذا التعديل، تم الاحتفاظ بالفقرة الأولى من الفصل التي تشير إلى أن من «اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة، بدون استعمال عنف، ولا تهديد، ولا تدليس، أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم».وكانت وزارة العدل قد أفادت، في وقت سابق، أن تعديل هذا الفصل هدفه توسيع مجال الحماية المخصصة للأطفال القاصرين من كافة أشكال الاعتداء عليهم، حيث عمدت الوزارة إلى إضافة فقرات إضافية للفصل 475 من القانون الجنائي، من أجل تعزيز الحماية المذكورة، خاصة بالنسبة للأطفال الذين يكونون ضحايا اعتداء جنسي، عقب عملية التغرير أو الاختطاف التي يتعرضون لها. وفي هذا الصدد، أكد تحالف ربيع الكرامة أن حذف الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي التي تقضي بإمكانية تزويج المغتصب بالضحية للإفلات من العقاب، «لا يستجيب لمطالب الحركة النسائية التي تتضمنها مذكرة ربيع الكرامة». وذكر بلاغ للجنة تتبع ربيع الكرامة أن التحالف الذي يضم جمعيات نسائية وحقوقية يعتبر هذا التعديل الجزئي «تراجعا بالمقارنة مع المسار الذي قطعه مشروع إصلاح القانون الجنائي٬ والذي وصل مع الحكومة السابقة إلى مرحلة إعداد مسودة قانون جنائي جديد، عرضت على مؤسسات وطنية وحقوقية للإغناء، وأنجزت بصددها الجمعيات النسائية دراسة وضعت رهن إشارة الوزارة السابقة والوزارة الحالية». وأضاف البلاغ أن ورش الإصلاح الذي انخرط فيه المغرب من أجل منظومة قضاء عادل «يتنافى مع كل تعديل جزئي يميز بين النساء والرجال٬ وبين امرأة وأخرى بسبب وضعها الاجتماعي»٬ مجددا الدعوة إلى الالتزام بالاختيارات التي تبناها المغرب وحقق بخصوصها مكاسب جسدها دستور 2011. ودعا تحالف ربيع الكرامة الفرق البرلمانية إلى تحمل مسؤولياتها في الوفاء بالالتزامات التي عبرت عنها خلال اللقاءات التي عقدت معها٬ وكذا بمضمون المذكرة التي أعدتها بخصوص إصلاح القانون الجنائي. كما أكد على ضرورة التسريع بالمراجعة الشاملة والجذرية للقانون الجنائي المغربي بشكل يحمي النساء من العنف والتمييز، ويحترم الحقوق والحريات الفردية.