مقال مثير وجريء وصادم ذلك الذي خطّه الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي، وزميل دراسة الملك في المدرسة المولوية، حسن أوريد. هذا الأخير خصّص عموده الأخير بمجلّة "زمان" المتخصصة في التاريخ، لمهاجمة مقترح القانون الذي وضعته مجموعة من الأحزاب السياسية في البرلمان، ويرمي إلى تجريم التطبيع مع إسرائيل، بما في ذلك زيارة الأماكن الخاضعة لسلطتها والتردد عليها. وكانت أربعة أحزاب سياسية قد قدّمت مقترحات قوانين لتجريم التطبيع، هي كل من العدالة والتنمية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة، قبل أن يقوم هذا الأخير بسحب مقترحه. المقال المعنون ب"مقترح قانون سخيف"، كشف فيه المؤرّخ والروائي وأحد خريجي البلاط الملكي، عن موقف غير مألوف تجاه إسرائيل وكيفية التعامل معها. وذهب أوريد إلى القول إن دولة إسرائيل موجودة وهي عضو في منظمة الأممالمتحدة، "والمعنيون الأوائل بهذا الموضوع، أي الفلسطينيون، لا ينتقدون وجودها، بل ينتقدون سياساتها. إسرائيل ليست عدوة للمغرب، رغم أنني أعلم أن هناك مغاربة يعتبرونها عدوة لهم". وذهب أوريد إلى مهاجمة المدافعين عن مقترح قانون تجريم التطبيع، إلى القول إن من يريدون جعل المغرب ضمن دول "الصمود والتصدي"، مخطئون، لأن هذه الدول العربية المنتمية إلى هذا المعسكر، لم تحصد إلا الفشل. واستغرب أوريد أن يكون الذهاب إلى تندوف ولقاء قادة البوليساريو متاحا، بينما يجرّم الذهاب إلى إسرائيل وإن كان ذلك للدفاع عن فلسطين، علما أن المصريين الذين خاضوا حروبا ضد إسرائيل يمكنهم السفر إليها بشكل قانوني. وأضاف أوريد أن هناك مواطنين مغاربة من معتنقي الدين اليهودي قد يرغبون في زيارة أقاربهم في إسرائيل. المثقف المعروف أوضح أن المواطنين المغاربة أحرار في آرائهم تجاه إسرائيل، "لكنه لا يحق لبعض محترفي السياسة أن يفرضوا آراءهم الشمولية لتُلزم الأمة المغربية وفرض الوصاية عليها بطريقة مضادة للمصالح الاستراتيجية للبلاد". وذهب أوريد إلى أن من أبرز مميزات المغرب، كونه يتمتّع بالمصداقية لدى دول الطوق المحيطة بإسرائيل، وأن هذه الخاصية لم تأت بالصدفة، بل كانت نتيجة لمشروعية سياسية وتاريخية، تتمثل في حضور يهودي بالمغرب يعود إلى آلاف السنين، وحماية لهم عندما وصلت حكومة "فيشي" المعادية لليهود في فرنسا خلال فترة استعمارها للمغرب؛ في مقابل الدماء المغربية التي سالت في الجولان في مواجهة إسرائيل. مواقف وأخرى صادمة وغير معهودة في الأوساط الثقافية والسياسية بالمغرب، ستثير كثيرا من ردود الفعل الغاضبة. من بين أوائل هذه الردود، ذلك الذي صدر عن القيادي الشاب في حزب العدالة والتنمية، النائب البرلماني عبد الصمد الإدريسي. الأخير كتب في صفحته الشخصية بالفيسبوك مهاجما أوريد: "حسن أوريد في موقف انهزامي جديد.. يتحدث اليوم بمنطق رافض لمقترح قانون ضد التطبيع..". وأضاف الإدريسي مهاجما مقال أوريد: "من فضلك قبل أن تحدث المغاربة وتنصحهم وتكتب فيما ينفعهم تذكر انه قد اعطيت لك فرصة كمسؤول عن واحدة من اكبر وأعرق حواضر المغرب لكنك للأسف أخلفت الموعد..". من جانبه محمد الهيلالي، نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، قال إن "من المؤسف جدا أن تصل الأيادي الصهيونية إلى استصدار مواقف شوفينية من قامات ثقافية مثل الدكتور حسن أوريد". وأضاف الهيلالي أن "هذا الرأي شارد وينتمي إلى ما قبل أوريد المثقف وتبييض لما ارتكبه مجرمو الحرب الصهاينة حتى وإن كانوا من أصول مغربية". وشدّد الهيلالي على أن إسرائيل هي "عدوة لكل الحقوقيين لما ارتكبته من جرائم، وهي أيضا عدوة لجميع المغاربة وللمغرب ولكل أحرار العالم، ولو لم تكن كذلك لما اتسعت دائرة مقاطعيها من أكاديميين ومفكرين في جميع أنحاء العالم، وأوريد بهذا المقال يحاول تبييض جرائم الكيان الصهيوني البغيض". وعن علاقة الخرجة المثيرة بتقديم عدد من الأحزاب مقترحات قوانين لتجريم التطبيع، قال الهيلالي إنه "عندما وصلت فكرة فئات واسعة من المجتمع المدني إلى البرلمان، يقع هذا الانقلاب على خطوة حرة تقطع مع حسن أوريد المثقف".