في سياق الجدل الدائر حول موضوع التكفير، تقدم فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب بمقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بتجريم التكفير، وهو المقترح الذي ينتظر أن يثير عدة ردود أفعال، خصوصا لدى التيار الإسلامي. المشروع الذي تقدم به فريق البام ممثلا بكل من خديجة الرويسي، ونبيلة بنعمر، والمهدي بنسعيد، ونادية العلوي، وسعيد الناصري، برر مقترحه بكون «المغربي أصبح يشهد في الآونة الأخيرة بروز ظواهر دخيلة و خطيرة على أمنه، من قبيل ظاهرة الجهاد بالخارج التي تدعو إليها عصابات إرهابية تحت غطاء الدين والعروبة، وبروز أصوات التشدد والتطرف، لا تؤمن بالديمقراطية والتعددية والحداثة، وتقوم بتكفير كل من يحمل رأيا مخالفا لقناعاتها». وأشار المقترح إلى أن هناك فراغ تشريعي في هذا الباب، حيث أن عقوبة التكفير لا توجد في القانون المغربي، وبالتالي «تداركا للفراغ التشريعي والتنظيمي الحاصل في هذا المجال، تم تقديم مقترح قانون يقضي بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي». وبمقتضى المقترح الجديد فإنه «يعد قذفا تكفير الأشخاص والهيئات بجميع الوسائل». وفي هذا السياق، قالت خديجة الرويسي، برلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة الذي تقدمت بالمقترح إن «دواعي تقديم هذا المقترح مرتبطة بتزايد ظاهرة التكفير بشكل مقلق»، وأضافت الرويسي، في اتصال مع «اليوم24» إن «الأمر لم يعد حالة معزولة، بل إن هناك إصرار على تكفير بعض الأشخاص، وأصبح الأمر شكلا من أشكال تكميم الأفواه ودعوة إلى الكراهية». واعتبرت البرلمانية المذكورة أن «الأمر له تبعات خطيرة قد تؤدي إلى القتل، وبالتالي كان لزاما القيام برد فعل». وفي الوقت الذي دافعت فيه القيادية بحزب الأصالة والمعاصرة عن مقترح تجريم التكفير، اعتبر إسلاميون أن «هذا المقترح من شأنه أن يخلق جدلا كبيرا قد يصل إلى حد الاصطدام». وفي هذا الصدد، قال الشيخ حسن الكتاني، أحد شيوخ السلفية، إن «هذا المقترح هو من باب صب الزيت على النار وتكميم أفواه العلماء». واعتبر الشيخ حسن الكتاني أنه «ليس من حق أي حزب أن يتلاعب بالأحكام الشرعية التي هي من اختصاص العلماء، والمغرب له هيئاته الرسمية وعلماء متخصصون تؤول إليهم مثل هذه الأمور». وقال الشيخ الكتاني: «يجب أن نطالب بتجريم الكفر لا بتجريم التكفير»، مشيرا إلى أن «التكفير حكم شرعي له قواعد ونصوص نص عليها العلماء في كتب الفقه المبنية على الكتاب والسنة، وبالتالي لا يمكن لأي أحد أن يغيرها». وأضاف: «إذا حكم عالم بأن شخصا ما ليس بمسلم واستوفى جميع الشروط لذلك، فلا يمكن لأي أحد أن يعتبر ذلك جريمة»، بل إن العالم، على حد تعبيره، من «واجبه القيام بذلك». ثم إن هذا القانون «سيدخلنا في متاهات حول مصطلح التكفير في حد ذاته، فكل إنسان مؤمن بشيء وكافر بشيء آخر، وبالتالي على أي أساس يمكن اعتبار أن ما قام به تكفيرا؟». من جهته، اعتبر عمر بنحماد، القيادي بحركة التوحيد والإصلاح أنه «ليس هناك من داع للدخول في مسار تجريم التكفير»، معتبرا أن «المجتمع محصن من هذه الناحية بما يكفي». وقال بنحماد في تصريح ل « اليوم24»، «أخاف أن تدخلنا مثل هذه المقترحات في متاهات، وليس كافيا أن نستنسخ الحالة التونسية في هذا الباب». وزاد «هذا لن يعمل إلا على خلق ضجة وصرف الاهتمام عن القضايا الملحة والضاغطة، وترقية تجريم التكفير إلى وضعية قانون برأيي، يمكن أن يؤدي إلى نتيجة معكوسة». على صعيد آخر، حذر حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي مما سماه «تجار الدين» الذين يسعون إلى «تقويض جميع المكتسبات التي حققها الشعب المغربي بفضل نضال قواه الوطنية والديمقراطية، إلى جانب المؤسسة الملكية، وهو ما يزيد من حجم التحديات الكبرى التي تواجه المغرب». وانتقد كل من حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، وإدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، خلال تجمع الهيئتين يوم السبت إحياء للذكرى السبعين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، حزب العدالة والتنمية لنهجه «أساليب التسلط والطغيان التي سادت في الماضي، ويهدد المغرب بالانزلاق نحو المجهول».