عاد المحامي وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، عبد العزيز النويضي، ليبوح في لقاء نظم أمس السبت بالرباط، خصص لتقديم ومناقشة مؤلفه الجديد "مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي، دروس من تجربة التناوب وما بعدها"، بأسرار خفية وهو يشتغل إلى جانب الراحل عبد الرحمان اليوسفي مستشارا له، ليكشف عن موقفه من عدة قضايا ساخنة رافقت مسيرته السياسية والحقوقية وهو في قلب الوزارة الأولى بعد تعيين حكومة التناوب التوافقي في تسعينيات القرن الماضي. وقال النويضي، كان لدي هدف هو أن أعرف الدولة من الداخل، كاشفا أنه استأذن من القيادي محمد الساسي، هل يلتحق بمهمته كمستشار لليوسفي، قائلا:" لو أن الساسي اعترض، لامتنعت عن الالتحاق". وحول استشارة النويضي للساسي، كشف الساسي الذي حضر إلى جانبه أمس لمناقشة مؤلفه الجديد، أنه رحب بالتحاق النويضي مستشارا لليوسفي، قائلا "إن كان لنا تحفظ على الدخول إلى الحكومة إلا أننا لا نعترض على أي شيء إيجابي يمكن أن يدعم حكومة اليوسفي، ويكون مفيدا للبلد ولهذه التجربة وتمنيت أن تعتمد تجربة اليوسفي على الأستاذ النويضي وغيره ممن يدفع في اتجاه الدمقرطة". وعاد النويضي ليتحدث عن الأدوار الاستشارية للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، التي كانت آرائها تنتظر الضوء الأخضر كما أوضح محمد الساسي وهو يقدم للكتاب. كاشفا أن الوزير الأول ساعتها لم تكن له علاقة بالأمور الأمنية والسيادية. وقال الساسي، وهو يناقش جزءا كبيرا من مؤلف رفيقه الحقوقي النويضي، إن الداخلية التي كان يقودها ادريس البصري ساعتها، كانت في صراع مع الوزارة الأولى التي قادها اليوسفي، وهو الصراع الذي كشف الساسي أنه لم يكن متوازنا، وكانت بعض القرارات المتنورة تخذ نظريا لكنها تتعثر في مكان ما، فالداخلية كانت قوية حاضرة في كل شيء في تأسيس الأحزاب وفي الإعلام. حسب النويضي الرئيس المؤسس لجمعية عدالة، وعضو الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح القضاء بالمغرب، كانت هناك ثلاثة محطات تاسيسية للانتقال الانتقالي بالمغرب، من ضمنها حكومة الراحل عبد الرحمان اليوسفي كمرحلة أولى، والمرحلة الثانية هي إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة، قبل أن يتساءل النويضي هل كانت العدالة الانتقالية مفتاح للانتقال من نظام ينتج الانتهاكات، إلى نظام يضع حدا لها وينتقل بالبلاد إلى نظام ديمقراطي، فحسب المتحدث فإن فاللحظة التأسيسية الثانية ضاعت. واللحظة التأسيسية الثالثة، حسب النويضي هي دستور 2011، والحكومات الجديدة التي تحملت المسؤولية، لكن وفقا لتحليل النويضي سرعان ما تم التراجع، ووجدنا نخبا سياسية، التي قادت التجربة، هي نخب عندها هدف البقاء في السلطة، والقبول بجميع السياسات التي تسمح لها بالبقاء فيها، وليست لها أي كفاحية لكي تنقل النظام السياسي إلى نظام أكثر دمقرطة من خلال الاصلاحات، ووقف الانتهاكات، قبل أن يؤكد النويضي على مسؤوليتها المشتركة مع النظام السياسي. وحكى النويضي، بمناسبة مناقشة مؤلفه الجديد، قصة تعيين الراحل عبد الرحمان اليوسفي رئيس لجنة مدونة الأحوال الشخصية وهي جزء بسيط من خطة ادماج المرأة في التنمية، ليعترض بعض الفقهاء عليه، ويقولوا لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ساعتها، الراحل عبد الكبير العلوي المدغري، نحن لا نريد أن نكون في لجنة يترأسها اليوسفي، قبل أن يتحمل مسؤوليتها محمد بوستة، قائلا:" لو لم يتلقى الفقهاء الضوء الأخضر لما قاموا بذلك، لأنه عندما تبنى الخطة الملك، الجميع أصبح يصفق لها". ومما لاحظه النويضي عندما كان مستشارا في الوزارة الأولى هو حرص اليوسفي على بناء الثقة مع الملكية، على أساس أن تسمح بتنزيل اصلاحات ولو كانت تتم بشكل تدريجي، مستدلا بالقصة التي اوردها عن النقاش الحاد الذي دار بينه وبين الفقيه البصري واليوسفي بخصوص نشر رسالة "انقلاب اوفقير" والتي أثارت آنذاك ازعاج القصر. وحول امكانية مقارنته بين حكومتي بنكيران و اليوسفي، نفى النويضي، أن تكون له القدرة للقيام بذلك، قائلا:" لا يمكنني القيام بها إلا أنني أقول إن اليوسفي لم يكن يتوفر على دستور 2011″.