أكد الوالي المدير العام للجماعات الترابية بوزارة الداخلية، خالد سفير، الجمعة بالرباط، أن الأحكام القضائية الصادرة في حق الجماعات الترابية تنعكس سلبا على السير العادي لمرافق هاته المؤسسات وتحد من جودة الخدمات التي تقدمها للساكنة. وتطرق سفير، خلال افتتاح ندوة وطنية حول دور الوكيل القضائي للجماعات الترابية في تدبير المنازعات القضائية، إلى "الكلفة المالية للأحكام القضائية على ميزانيات الجماعات الترابية، لاسيما الأحكام المشمولة بأداء الفوائد القانونية وتعويضات عن التماطل والتأخير في التنفيذ، الأمر الذي يؤثر سلبا على ميزانيتها والسير العادي لمرافقها، وكذا على جودة الخدمات التي تقدمها للساكنة، فضلا عن تقليص حجم الاعتمادات المخصصة لتمويل برامجها التنموية". وأوضح، خلال هذه الندوة المنظمة بشكل حضوري وعن بعد، أن تتبع تنفيذ الأحكام القضائية النهائية ضد الجماعات الترابية بين أن عدد الملفات التنفيذية المفتوحة في مواجهة الجماعات الترابية بلغ ما مجموعه 1935 ملفا تنفيذيا إلى غاية متم 2021، بغلاف مالي إجمالي يتجاوز 3 ملايير درهم، مشيرا إلى أن دعاوى الاعتداء المادي على ملك الغير تشكل حوالي 90 في المائة من مجموع الدعاوى المرفوعة ضد الجماعات الترابية. وتابع، في السياق ذاته، بالقول إن هذه الدعاوى تكون في الغالب ناتجة عن عدم تقيد الجماعات الترابية بالقوانين المعمول بها، لاسيما عدم اتباع مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو اللجوء إلى الاقتناء بالمراضاة خلال إقدام الجماعات الترابية على إحداث مرافق تجهيزات عمومية فوق أملاك الغير، منبها إلى أن الأمر يؤدي إلى حرمان الجماعات الترابية من الامتيازات التي يخولها قانون نزع الملكية، خاصة عدم الاستفادة من المساهمة المجانية المنصوص عليها في قانون التعمير. وأضاف أن الجماعات الترابية تخسر العديد من القضايا المرفوعة ضدها بسبب عدم قيام بعض الجماعات بالجواب، رغم استدعائها بصفة قانونية من طرف المحاكم المختصة، وعدم التتبع الجيد لهاته الملفات خلال سريان الدعاوى، وغياب التنسيق بين مختلف المتدخلين في تدبير المنازعات، فضلا عن عدم مد الدفاع بالوثائق والمستندات التي من شأنها تعزيز الموقف القانوني للجماعات الترابية المعنية. وذكر سفير بأن وزارة الداخلية، وفي إطار دعمها للجماعات في تدبير المنازعات التي تكون طرفا فيها، قامت بتعيين الوكيل القضائي للجماعات الترابية بمقتضى قرار لوزير الداخلية سنة 2020، وأحدثت قسما للمنازعات بمقتضى قرار لوزير الداخلية للسنة ذاتها، يتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم الأقسام والمصالح التابعة للمديريات المركزية لوزارة الداخلية. علاوة على ذلك أصدرت الوزارة الوصية دورية سنة 2021 حول تدبير منازعات الجماعات الترابية، وأبرمت اتفاقيات مع مجموعة من مكاتب المحاماة للنيابة عن الوكيل القضائي للجماعات الترابية في القضايا التي يتكفل بها هذا الأخير أمام القضاء. وأكد – بهذا الخصوص – أن الوكيل القضائي عمل منذ تعيينه على بلورة برنامج عمل، باشر من خلاله الدفاع عن بعض الجماعات الترابية في الدعاوى المرفوعة ضدها، لاسيما القضايا ذات المطالب المالية الكبيرة أو تلك التي من شأن صدور أحكام بخصوصها أن تشكل سندا في استصدار المزيد من الأحكام القضائية التي يتعذر التحكم في تبعاتها، كما قدم استشارات قانونية بشأن المساطر القانونية الواجب اتباعها للدفاع عن مصالح الجماعات أمام القضاء، مسجلا أن هذا المجهود جنب الجماعات المعنية خسارة العديد من القضايا. من جهة أخرى، سلط الوالي المدير العام للجماعات الترابية الضوء على العراقيل التي تعيق مسطرة الوصل، والتي تحرص على تقريب وجهات النظر واقتراح حلول للنزاع تكون مقبولة لدى جميع الأطراف، لافتا إلى أن الدورية التي أصدرتها الوزارة سنة 2021 بهذا الشأن تتضمن العديد من المقتضيات التي من شأنها المساهمة في ضبط الجماعات الترابية للمنازعات وإبراز دور كل متدخل في هذا المجال وتحديد مسؤوليته. ونبه إلى أن وجود الوكيل القضائي للجماعات الترابية لا يعفي هاته الأخيرة من المسؤولية القانونية في الدفاع عن مصالحها أمام القضاء، وذلك باعتبارها طرفا أصليا في الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها، وأن تدخل الوكيل يكون بناء على دراسة ملفات القضايا وتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها بشأنها. وخلص سفير إلى أن هذه الندوة تأتي في سياق تنزيل استراتيجية وزارة الداخلية الرامية إلى توفير المواكبة القانونية لفائدة الجماعات الترابية، وكذا خلق جسر للتواصل بين مؤسسة الوكيل القضائي للجماعات الترابية وكافة الشركاء المؤسساتيين والمتدخلين في مجال المنازعات القضائية. ويشارك في هذه الندوة، حضوريا، حوالي 100 مشارك من رؤساء الجماعات الترابية، ومنتخبين ومكلفين بتدبير المنازعات على مستوى الجماعات الترابية، ورؤساء المحاكم الإدارية، وممثلين عن الإدارات المركزية، إلى جانب المشاركين عن بعد. وتروم هذه الندوة تحسيس الجماعات الترابية بدور الوكيل القضائي وأهمية تدبير منازعاتها وخصوصا التدبير الوقائي، والسعي لخلق آليات للتنسيق والتواصل بين الوكيل القضائي والجماعات الترابية وباقي المتدخلين في ميدان المنازعات، واقتراح الحلول المناسبة التي من شأنها أن تساهم في تجويد تدبير الجماعات لمنازعاتها القضائية.