استمع عبد الرحيم المنتصر، قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بمراكش، صباح أمس الجمعة، إلى محمد الغلوسي، رئيس الفرع المحلي للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، في شأن الشكاية التي سبق لجمعيته أن تقدمت بها إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش في شهر فبراير من السنة المنصرمة، حول ما تعتبره «تفاوتا خطيرا في مداخيل سوق الجملة القديم للخضر والفواكه بباب دكالة خلال فترة المجلس الجماعي الحالي مقارنة مع سابقه»، فبينما لم تتطور المداخيل سوى ب 9 في المئة ما بين سنوات 2006 و2009، انتقلت إلى حوالي 44 في المائة خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2010، أي بزيادة بلغت أكثر من 787 مليون سنتيم. وبإجراء عملية حسابية بسيطة يتضح بأن أكثر من مليار و560 مليون سنتيم كانت تضيع سنويا على مالية الجماعة الحضرية لمراكش، وهو ما اعتبرته الهيئة «جريمة هدر وتبديد للمال العام واغتناء غير مشروع»، مطالبة بفتح تحقيق في الموضوع ومتابعة المتورطين في حالة اعتقال. وكان قاضي التحقيق استمع خلال مرحلتي البحث التمهيدي والتفصيلي إلى مجموعة من المنتخبين والموظفين، كما قام بزيارة ميدانية للسوق قبل تحويله إلى تجزئة المسار بالحي الصناعي، حيث عاين عمليات أداء الرسوم لدى وكلاء المداخيل وشحن وإفراغ السلع، واستمع هناك إلى مجموعة من التجار ووكلاء المداخيل. وبعد أن أنهى التحقيق، أحال الملف، في شهر أبريل المنصرم، على النيابة العامة لتقديم ملتمساتها بشأن انتهاء التحقيق، حيث انتظرت أكثر من خمسة أشهر لتُرجع الملف إلى قاضي التحقيق من جديد، مطالبة بالاستماع إلى رئيس هيئة حماية المال العام، باعتبارها الطرف المشتكي في الملف. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية استمعت، خلال مرحلة البحث التمهيدي، إلى محمد الغلوسي وعضوين بمكتب جمعية التضامن لتجار سوق الجملة للخضر والفواكه، والتي تقدمت أيضا بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمراكش، حول ما تعتبره «اختلاسا وتبديدا لأموال عمومية بالسوق المذكور»، محملة المسؤولية لموظفين ونائبين للعمدة السابق وبعض وكلاء المداخيل. التطور الكبير في مداخيل سوق الجملة للخضر والفواكه على عهد المجلس الحالي لم يدم طويلا، فقد تفجرت فضيحة مدوية، بتاريخ السابع من شهر مارس من السنة المنصرمة، حين ضبط موظف بالسوق بعض زملائه المكلفين بالإشراف على عملية تسجيل وزن حمولات الشاحنات والتصريح بأصناف السلع، وقد سمحوا لثلاث شاحنات محملة بالبطاطس وبثمار الخرشوف(القوق) بدخول السوق دون تسجيل وزن حمولتها، مع الاحتفاظ بالوصولات المعدة لذلك فارغة ودون إشارة للوزن ونوعية السلع، قبل أن تدخل جمعية التضامن على الخط وتتقدم بشكاية حول ما اعتبره «تبديدا واختلاسا للمال العام يشهده السوق»، ومتحدثة عن ضياع حوالي ملياري سنتيم سنويا بسبب ما وصفته ب»حالة التسيب وعدم إعمال القانون»، مرجعة ذلك إلى «تواطؤ بعض الوكلاء والموظفين وإلى الاختلالات التي يرتكبها نائب العمدة المفوض له الإشراف على السوق»، لتتفجر بذلك قضية جديدة تحوم حولها شبهة الفساد المالي، حيث شرع قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة باستئنافية مراكش المختصة في جرائم الأموال في استنطاق 24 متهما ب»اختلاس أموال عمومية موضوعة تحت يد موظف عمومي بمقتضى وظيفته، وتزوير أوراق رسمية، وإخفاء وثائق من شأنها تسهيل البحث في جنايات، والغدر»، ويوجد على رأس لائحة المتابعين نائب العمدة المكلف سابقا بتدبير السوق. وفي موضوع ذي صلة، طالبت الهيئة في شكاية وجهتها إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش بإجراء بحث وتحقيق والاستماع إلى كل من له علاقة بموضوع بتفويت البقعة الأرضية المشيد عليها سوق الجملة السابق بباب دكالة، والتي قرر المجلس الجماعي السابق تفويتها، حيث تقدمت كل من شركتي»أفكا»و»قاديسا» بعرضين من أجل اقتنائها، قبل أن تنتهي المزايدة العمومية، التي انعقدت بتاريخ 30 يناير من سنة2007، بدون نتيجة بسبب إقصاء عرض الشركة الأولى واستحالة إجرائها بمتنافس واحد، في وقت تم فيه الاستمرار في عملية التفويت بالتراضي مع شركة قاديسا بمبلغ 5580 درهما للمتر المربع، بعد أن تم إعداد محضر ملحق من قبل لجنة المزايدة مناقض للمحضر الأول، يفيد بأن قاديسا فازت بالمزايدة العمومية بعد إقصاء أفكا. ورغم مصادقة سلطة الوصاية على التفويت، فلم يقم القابض سوى باستخلاص ستة ملايين درهم كتسبيق بدلا من المبلغ بأكمله. واستمرارا في محاباة شركة قاديسا، تم منحها أجلا إضافيا للأداء، والتزم لها الآمر بالصرف بإخلاء العقار من المحتلين في خرق لدفتر التحملات الذي ينص على القبول بالبقعة على الكيفية الموجودة عليها.