بعد أيام من إرجاء البت في ملف «إكراميات مسؤولين وصحافيين» إلى غاية 31 مارس الجاري، لاستدعاء الوكيل القضائي للمملكة، أغلق يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش الحدود في وجه عمر الجزولي، العمدة الأسبق لمدينة مراكش، و16 مسؤولا ومقاولا على خلفية خروقات شابت بناء سوق الخضر والفواكه الموجود في منطقة «المسار» بالمدينة الحمراء. وحسب معلومات دقيقة حصلت عليها «المساء»، فإن قاضي التحقيق قام أيضا بسحب جواز سفر الجزولي و16 مسؤولا، قبل أن يضع الجميع رهن المراقبة القضائية. وعلمت «المساء» أن القاضي المعروف بالتحقيق في ملفات الفساد ونهب المال العام بمدينة مراكش، وبمجرد أن مثل أمامه كل من العمدة الأسبق عمر الجزولي البرلماني والقيادي السابق في حزب الاتحاد الدستوري، رفقة مقاولين ومهندسين، قام بسحب جواز سفره وأغلق الحدود في وجوههم ووضعهم رهن المراقبة القضائية، في إطار الإجراءات القانونية المعتمدة، لمباشرة التحقيق التمهيدي والإعدادي والتفصيلي في ملف بناء سوق الخضر والفواكه بالجملة. يأتي هذا، في الوقت الذي أحال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش 17 متهما في ملف بناء سوق الخضر والفواكه (المسار) بمراكش، على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، بعد انتهاء البحث الذي أنجزته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وتابع الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش عمر الجزولي، بجنايتي تبديد أموال عمومية وتزوير وثائق رسمية، بينما تابع موظفين ومقاولين ومهندسين بجنايتي المشاركة في تبديد أموال عمومية وتزوير وثائق رسمية، ليحيلهم على قاضي التحقيق يوسف الزيتوني للتحقيق معهم في التهم المنسوبة إليهم. وأحال الوكيل العام ملف سوق «المسار» بالحي الصناعي بمراكش، الذي يضم حوالي 1200 وثيقة. بعد أن أنهت فرقة خاصة بجرائم الأموال تابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء البحث، حيث استمعت خلاله إلى المتهمين ال17، إضافة إلى المحامي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، الذي أدلى بوثائق لها علاقة بتبديد أموال عمومية، وتزوير وثائق رسمية. وحصلت «المساء» على لائحة المتهمين التي تضم منتخبين ومقاولين وموظفين ومهندسين، أبرزهم عمر الجزولي، ومحمد مزري، الرئيس السابق لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وأعوان ومتقاعدي الجماعة الحضرية، ومهندسين ومقاولين. وكانت الشكاية، التي وجهها الحقوقي والمحامي محمد الغلوسي، للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، أكدت أن «مجمل الصفقات المبرَمة من طرف المجلس الجماعي لمراكش لإنجاز سوق الجملة لم تتقيد بقواعد تنفيذ النفقات العمومية، حيث تم الشروع في إنجاز الأشغال موضوع هذه الصفقات، قبل تاريخ انعقاد جلسة فتح الأظرفة». كما تحمل المجلس نفقات إضافية لم تكن مبرمجة في البداية، من أجل بناء حائط لتسييج السوق، وتمت كذلك إزالة المخرج الرئيسي للسوق، المفترض أن يكون في الواجهة الشمالية. واعتبرت الشكاية، التي تتوفر «المساء» على نسخة منها، أن تكلفة إنجاز سوق الخضر والفواكه بالجملة بموارد مالية التي وصلت إلى نحو 97 مليون درهم، مبلغ كبيرة جدا، مقارنة بالتكلفة التقديرية الموضوعة من قبل مكتب الهندسة المعمارية، المحددة في نحو 64 مليون درهم، رغم أن عددا من المرافق لم يتم بناؤها. كما أرجعت الشكاية ذلك إلى سوء التسيير، وعدم تسوية الوضعية القانونية للعقار موضوع البناء، حيث إن المجلس شرع في إنجاز المشروع قبل سلك مسطرة نزع الملكية، التي لم تتم إلا خلال دورته الاستثنائية، المنعقدة بتاريخ 7 يونيو 2006، لتشمل تسع قطع أرضية بتجزئة المسار 2 بمساحة إجمالية تقدر بهكتار، منها ست قطع غير محفظة، كما أن الجماعة عمدت إلى هدم محلات تجارية في قاعة بيع الفواكه، كلفت ميزانية المجلس نحو 50 مليون سنتيم.