ملف مثير آخر تحوم حوله شبهة الفساد المالي سيُرفع عنه الستار باستئنافية مراكش. فمن المقرر أن تحدد النيّابة العامة صك الاتهام ولائحة المتابعين في ملف «الخروقات المالية والتقنية التي شابت بناء سوق الجملة للخضر والفواكه بمراكش»، على أن تحيله، خلال الأيام القليلة القادمة، على قاضي التحقيق بالغرفة المكلفة بجرائم الأموال بالمحكمة نفسها، بعد مضي شهور عديدة على انتهاء البحث التمهيدي الذي تكلفت بإنجازه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الذي قامت خلاله بالاستماع إلى عمدة مراكش السابق، عمر الجزولي، ونائبه المكلف بقطاع التعمير، عبد الله رفوش، وموظفين بالجماعة الحضرية، والمسؤول عن المقاولة التي فازت بصفقة البناء، والمهندس المعماري، ومكتب الدراسات، وممثلين عن إدارات مختلفة. ملف «الخروقات المالية والتقنية بسوق المسار» فجرته شكاية سبق لهيئة حماية المال العام أن وجهتها إلى الوكيل العام للملك بمراكش، حيث أشارت فيها إلى أن القضية تعود إلى الولاية الجماعية السابقة، حين تم التصويت على مقرّر بإحداث سوق الجملة للخضر والفواكه بتجزئة المسار على مساحة تقدر بأربعة عشر هكتارا، وذلك من أجل تجاوز المشاكل التي كان يطرحها السوق القديم بباب دكالة، بسبب الكثافة التي تعرفها حركة السير وتأثيرها السلبي على المحيط البيئي. وقد كلف هذا المشروع مالية الجماعة مبلغا وصل إلى 9 ملايير و600 مليون سنتيم، وهو المبلغ الذي فاق كثيرا التكلفة التقديرية، التي كانت محددة في 6 ملايير و400 مليون سنتيم، رغم أن العديد من المرافق لم يتم بناؤها بعد تعديل التصميم الأصلي للمشروع، الذي لا زالت الوضعية القانونية للعقار المشيد عليه لم تتم تسويتها مع مالكيه الأصليين. كما لفتت الشكاية إلى أن الجماعة الحضرية تحملت نفقات إضافية لم تكن مبرمجة، «إذ تم أداء أتعاب لفائدة المهندس المعماري المكلف دون أن يستحقها فعلا، وتحمّلت الجماعة نفقات مترتبة عن إصلاح عيوب في الأشغال المنجزة، التي لم تكن في أغلب الأحيان مطابقة للتصاميم، ولم تستجب للمواصفات التقنية المطلوبة» تقول شكاية هيئة حماية المال العام. وفي موضوع ذي صلة، لازال الملف المتعلق ب»التفاوت في مداخيل سوق الجملة القديم بباب دكالة خلال الولاية الجماعية الحالية مقارنة مع سابقتها» لم يحل بعد على غرفة الجنايات الابتدائية، بسبب عدم تقديم النيّابة العامة لملتمس بانتهاء التحقيق، رغم إحالة الملف عليها من طرف قاضي التحقيق، عبد الرحيم المنتصر، بتاريخ فاتح نونبر من السنة المنصرمة. وكانت هيئة حماية المال العام تقدمت بشكاية لفتت فيها إلى أنه وبينما لم تتطور المداخيل سوى ب 9 في المائة ما بين سنوات 2006 و2009، انتقلت إلى حوالي 44 في المائة خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2010، أي بزيادة بلغت أكثر من 787 مليون سنتيم، أي إن أكثر من مليار و560 مليون سنتيم كانت تضيع سنويا، وهو ما اعتبرته الهيئة «جريمة هدر وتبديد للمال العام واغتناء غير مشروع». وقد استمع قاضي التحقيق إلى مجموعة من المنتخبين والموظفين والتجار ووكلاء المداخيل. التطور الكبير في المداخيل على عهد المجلس الحالي لم يدم طويلا، فقد تفجرت فضيحة مدوية، حين ضبط موظف بالسوق بعض زملائه وقد سمحوا لثلاث شاحنات بدخول السوق دون تسجيل وزن حمولتها ونوعية السلع، قبل أن تتقدم جمعية للتجار بشكاية حول ما اعتبرته «تبديدا واختلاسا للمال العام يشهده السوق»، ومتحدثة عن ضياع حوالي ملياري سنتيم سنويا بسبب ما وصفته ب»حالة التسيب وعدم إعمال القانون». وقد أنهى قاضي التحقيق استنطاق 24 متهما ب»اختلاس أموال عمومية موضوعة تحت يد موظف عمومي بمقتضى وظيفته، وتزوير أوراق رسمية، وإخفاء وثائق من شأنها تسهيل البحث في جنايات، والغدر»، ويوجد على رأس لائحة المتابعين النائب الرابع للعمدة، حميد الشهواني، المفوض إليه تدبير سوق الجملة للخضر والفواكه والجبايات، وتنمية الموارد المالية، الذي التحق مؤخرا بحزب الأصالة والمعاصرة.