يناقش وزراء الخارجية في الاتحاد الأوربي اعتبارا من الاثنين حزمة سادسة من العقوبات ضد روسيا في ظل الفظائع المنسوبة إلى قواتها في أوكرانيا، غير أن التوافق في ما بينهم يبدو صعبا أكثر فأكثر. وصرح كبير المسؤولين عن الشؤون الخارجية في الاتحاد، الإسباني جوزيب بوريل، في ختام اجتماع في لوكسمبورغ "واصلنا مناقشة العقوبات. لكن لم يتخذ أي قرار اليوم. ولم يكن ذلك واردا". وتقضي الأولوية بالتركيز على المساعدات العسكرية، وفق عدة وزراء. وقال بوريل "يخشى الأوكرانيون هجوما واسع النطاق في دونباس (الشرق). وهم يستعدون لمواجهته ونحن نساعدهم على ذلك. وهذا ليس بالسر ". وقدم الاتحاد الأوربي الاثنين مبلغا إضافيا بقيمة 500 مليون يورو لتمويل أسلحة جديدة لكييف وتسليمها إياها. وصرح بوريل "إن لم يكن هذا كافيا، سنقدم المزيد. لكن النفقات مرتفعة جدا راهنا"، موضحا أنه ما زال ينبغي أن تصدق برلمانات بعض البلدان على هذا القرار. وأشار إلى أن مبالغ إمدادات الأسلحة هي بعد أكبر، إذا ما أخذت المساهمات الوطنية في الحسبان. وحذر بوريل من أن "المعارك ستقع، إن اشترينا الغاز الروسي أو لا". وأردف جان أسيلبورن وزير خارجية لوكسمبورغ أن "بوتين لن يتوقف، حتى لو توقفنا عن شراء الغاز والنفط". وينبغي أيضا للاتحاد أن يتصدى للدعاية الروسية، في وقت يتهم الكرملين الغرب بالتسبب بنقض المواد الغذائية وارتفاع الأسعار إثر العقوبات التي يفرضها، على حد قول بوريل. وقال وزير خارجية الاتحاد الأوربي "هي رواية في مقابل أخرى وحقيقة في مواجهة دعاية. والروس هم المسؤولون عن المجاعة المتفاقمة في العالم. فهم الذين أحدثوا الظروف التي أدت إلى نقص (المواد الغذائية)، من خلال وقف صادرات القمح وقصف الموانئ وإتلاف المخازن في أوكرانيا". وقد طالب أغلبية الوزراء باعتماد "النهج الأكثر شدة" مع روسيا القائم على وقف مشتريات النفط والغاز من البلد التي يعول عليها الأوربيون إلى حد كبير (والتي تمثل حوالى 25 % و45 % على التوالي من إجمالي واردات مصدري الطاقة هذين). غير أن بعض الوزراء، كالدنماركي ييبي كوفود والهولندي فوبكه هوكسترا، شددوا على ضرورة التوصل إلى "توافق بشأن العقوبات" و"الحفاظ على وحدة الصف في الاتحاد الأوربي". وقد اعتمدت العقوبات الأوربية المفروضة في خمس حزم، ومنها حظر واردات الفحم الروسي، كلها بإجماع الدول السبع والعشرين العضو في الاتحاد، غير أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يرفض الذهاب أبعد من ذلك. ولم تعترض المجر وبلغاريا على منح مبلغ إضافي بقيمة 500 مليون يورو لإمداد أوكرانيا بالسلاح، وهو "قرار يتطلب إجماع" الأعضاء، على ما ذكر بوريل. وفي ما يخص الغاز الروسي، "من السهل التعهد بالاستغناء عنه، عندما لا نستخدمه. غير أن المهمة أصعب بالنسبة إلى البلدان التي تعول عليه بدرجة كبيرة"، بحسب بوريل. وهي حال ألمانيا التي تستورد 55 % من غازها من روسيا، فضلا عن النمسا وإيطاليا والمجر التي تتكل على واردات الغاز من روسيا لدفع عجلة الاقتصاد. وأقر وزير الخارجية الإيرلندية سايمن كوفيني ب "مدى صعوبة الأمر بالنسبة إلى بعض الدول". وأشار كوفيني إلى أن "الاتحاد الأوربي ينفق مئات ملايين اليوروهات لاستيراد النفط من روسيا، ما يساهم حتما في تمويل هذه الحرب. ولا بد من وضع حد لهذا التمويل، حتى لو اضطررنا لمواجه تحديات ومشاكل جمة إثر قرار كهذا". وتساءل التشيكي يان ليبافسكي المؤيد لعقوبات "أكثر شدة" قائلا "ما المطلوب كي يقرر الاتحاد الأوربي حظر واردات النفط والغاز وغيرهما من السلع الأساسية". وأردف نظيره الليتواني غابرييليوس لاندسبيرغيس الذي توقف بلده عن شراء الغاز من روسيا، "لا بد من قصد بوتشا لإدراك مدى ضرورة فرض عقوبات". وباتت بوتشا، وهي مدينة قريبة من كييف حيث دفن نحو 300 شخص في مقابر جماعية، رمزا للفظائع المرتكبة خلال الحرب في أوكرانيا.