كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في وثيقة جديدة أعطابا جمة تواجه تدبير الموروث الثقافي بالمغرب، مطالبا باعتماد استراتيجية وطنية لحماية هذا التراث والمحافظة عليه وتثمينه وتعيين "عراب" للتراث المغربي ليكون مترافعا من أجل حمايته والرقي به. وجاء ذلك في رأي قدمه المجلس بناء على إحالة ذاتية تحت عنوان "من أجل رؤية جديدة لتدبير التراث الثقافي وتثمينه". وقال المجلس، إن المغرب لم يستطع بالرغم من المجهودات المبذولة تحويل تراثه الثقافي إلى ثروة مادية، مسجلا أن التراث والإرث الثقافي المادي وغير المادي لا يحظيان بتثمين كاف وتظل الوسائل المعبأة لتطويرهما محدودة جدا. كما أكد أن مسألة التراث في المغرب تتناول دائما بصورة معزولة ووفق حكامة مجزأة. وبحسب المجلس فهناك عدة أوجه قصور تفسر هذه الوضعية، لاسيما ضعف الجهود في مجال الجرد والتصنيف وعدم إشراك المجالات الترابية والقطاع الخاص على مستوى تخطيط وتثمين وتدبير التراث الثقافي وغياب تملكه من طرف المجتمع المدني والساكنة، علاوة على التأخر المسجل في مجال استخدام التكنولوجيا والرقمنة. ولمواجهة هذه التحديات قدم المجلس عددا من التوصيات لاسيما مطالبته بتعزيز دينامية المؤسسات المعنية بالتراث ووسائل عملها، وذلك بتزويد الجهات المكلفة بالتراث الثقافي بالخبرات والوسائل التي تمكنها من وضع خارطة للتراث وجرده والمحافظة عليه وتثمينه، والارتقاء بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث إلى مؤسسة عمومية بشخصية معنوية واستقلالية مالية، والرفع من حجم الشراكات مع جامعي التحف من الخواص. كما طالب المجلس بإيلاء أهمية خاصة بالتراث غير المادي عن طريق إعداد مونوغرافيات جهوية من أجل أرشفة الثروات المحلية والتعرف عليها عن طريق أعمال أكاديمية وعلمية، ودعم مشاريع تأهيل التراث الثقافي في الوسط القروي من قصور وقصبات، والمعمار وأشكال الرقص والتقاليد وفن الطبخ وغيرها، لاسيما في المناطق الجبلية أو المحرومة مع إدماجها في مسالك السياحة الثقافية، كما دعا إلى تشجيع المقاولات على التخصص في مهن التراث لاسيما ترميم المواقع ومهن البنايات التاريخية، وتوسيع استخدام التكنولوجيات في جرد وأرشفة التراث. إضافة إلى ذلك دعا المجلس إلى تعيين شخصية عمومية تتمتع بشهرة كبيرة وتعرف بالتزامها وقدرتها على القيام بالترافع من أجل التحسيس برهانات تأهيل التاريخ والتراث الثقافي الوطني، ومحاولة التأثير على الأطراف المعنية والبحث عن مصادر التمويل المتجددة، من أجل حماية الممتلكات التراثية وتثمينها.