تسجل الأسعار في بريطانيا ارتفاعا حادا يجعل من الصعب على العديدين أن يؤمنوا طعامهم وكلفة تدفئتهم في آن، إلى حد باتت بنوك الطعام تواجه طلبا متزايدا يفوق قدراتها. وتقول هايدي واقفة في صف الانتظار لتسلم رزمتها في مركز كولشيستر بشرق إنكلترا "أجد صعوبة كبرى في تأمين معيشتي" موضحة "أخصص عادة مبلغا من المال لبنوك الطعام، لكن حان دوري الآن للجوء إليها". والسبب خلف هذه الأزمة بحسب المرأة البالغة 45 عاما ارتفاع أسعار "كل شيء" و"الفواتير الباهظة". تقول هايدي "ازدادت فاتورة الكهرباء. صرت أنفق عليها الآن ربما 80 جنيه استرليني (95 يورو) في الشهر، مقابل 40 أو 50 جنيه العام الماضي". وبلغت نسبة التضخم 5,4% في ديسمبر، أعلى مستوى تسجله منذ ثلاثين عاما، ما حمل العديد من البريطانيين على الاستنجاد لأول مرة ببنوك الطعام. وقام مركز كولشيستر الواقع في وسط منطقة تجارية، بتوزيع 165 طنا من الطعام خلال العام 2021، ما يكفي لإطعام حوالى 17 ألف شخص. غير أن مديره مايك بيكيت يتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 20 ألف شخص في 2022. وقال مبديا أسفه "إذا ساءت الأوضاع، قد يصل العدد إلى 25 ألف شخص" ما سيشكل "كابوسا"، في حين أن "أسوأ السيناريوهات" يتوقع تهافت حوالى 30 ألف شخص إلى المركز. أوردت جمعية "تراسل تراست" التي تدير بنك الطعام أن عدد الذين يتلقون رزما طارئة في مراكزها عبر المملكة المتحدة ارتفع من 26 ألف شخص إلى أكثر من 2,5 مليون العام الماضي. وبحسب الصحافية والناشطة ضد الفقر جاك مونرو، فإن الكلفة الحقيقية للعديد من المواد الغذائية ازدادت بنسبة تفوق التضخم الذي أعلن عنه في ديسمبر. وأوضحت على سبيل المثال أن 500 غرام من المعكرونة الأدنى سعرا في متجرها المحلي كانت تكلف 29 بنسا (0,35 يورو) قبل عام، مقابل 70 بنسا اليوم، بزيادة 141%. كذلك ارتفع سعر الأرز من 45 بنسا للكيلو إلى جنيه استرليني لنصف الكيلو، وعلقت الناشطة على تويتر "إنها زيادة في الأسعار بنسبة 344%، تصيب الأسر الأكثر فقرا والأكثر هشاشة". واتهمت نظام احتساب التضخم بأنه ينطوي على "خلل جوهري" لأنه "يتجاهل تماما الواقع والزيادة الحقيقية للأسعار بالنسبة للأشخاص ذوي الحد الأدنى من الدخل، زبائن بنوك الطعام والملايين الآخرين". وأعرب مايك بيكيت عن الرأي ذاته، معتبرا أن قياس التضخم "لا يأخذ فعليا بزيادة أسعار المواد الغذائية الرخيصة التي ارتفعت ببضع مئات بالمئة". ومع قرار الحكومة إعادة المساعدات الاجتماعية إلى مستواها الأساسي بعد رفعها في ظل أزمة الوباء، ولد ذلك ظروفا صعبة جدا. وقال مدير بنك الطعام "يشرح لنا الناس أنهم قضوا ساعة يجمعون الشجاعة الكافية للقدوم إلى هنا"، مضيفا أن العديدين "لم يخطر لهم أنهم سيحتاجون إليه ذات يوم، لكنه لم يكن لديهم خيار". ذكرت مؤسسة جوزف راونتري في تقرير صدر في يناير أن بعض شروط تلقي المساعدات الاجتماعية مثل وجوب الانتظار خمسة أسابيع قبل تقاضي القسط الأول وتحديد سقف ولدين للمساعدات العائلية، "تقود مباشرة إلى انعدام أكبر للأمن الغذائي وتساهم في زيادة اللجوء إلى بنوك الطعام". وبالرغم من صعوبة الوضع الحالي، من المتوقع أن تزداد كلفة المعيشة أكثر على الأسر البريطانية في أبريل بسبب زيادة في المساهمات الاجتماعية قررتها الحكومة لتمويل نظام الرعاية الصحية، وزيادات جديدة في فواتير الطاقة قد تصل إلى 50%. ونتيجة لكل هذه الظروف، يواجه عدد أكبر من العائلات البريطانية مخاطر انعدام أمن الطاقة، في وقت ينفقون أكثر من 10% من مداخيلهم على حاجاتهم في هذا المجال. وقالت هايدي "ثمة عديدون يجدون أنفسهم في هذا الوضع لأول مرة" داعية "الجميع إلى تقديم مساهمة" لبنوك الطعام "لأن لا أحد يعرف متى سيجد نفسه في هذا الوضع".