قال الموساوي العجلاوي، الباحث بمركز إفريقيا والشرق الأوسط، إن المغرب تمكن من إعادة التوازن إلى الاتحاد الإفريقي الذي عاد إليه سنة 2017، بعدما كانت الجزائروجنوب إفريقيا مسيطرتين على هذه المؤسسة، مشيرا إلى وجود تحولات جيوسياسية كبيرة تشهدها إفريقيا، قد تمكن المملكة من تعزيز موقعها في القارة. وخلال مشاركته في ندوة "المغرب وإفريقيا" التي تنظمها مؤسسة الفقيه التطواني، سجل العجلاوي أن القارة الإفريقية تنشطر حاليا إلى مجالات جيوسياسية متعددة تعرف صراعات داخلية وخارجية، كما تعيش بلدانها "مشاكل في وظائف الدولة"، وأشار إلى أن الدولة مثلا في منطقة الساحل والصحراء تنكمش أو تكاد في محيط العاصمة. العجلاوي أشار إلى المشاكل الواقعة في منطقة القرن الإفريقي، لاسيما الصراع الداخلي في إثيوبيا، وكذا ما يقع في منطقة البحيرات الكبرى من صراعات إثنية وحدودية، وأيضا في أقصى الجنوب، لاسيما تراجع نفوذ جنوب إفريقيا والمشاكل الداخلية التي تعرفها هذه الدولة من فساد وفقر، فضلا عن قضايا شمال إفريقيا لاسيما القضية الليبية وامتداد تأثيرها على عموم منطقة البحر الأبيض المتوسط، وأخيرا التوتر الحاصل في العلاقات بين المغرب والجزائر. وتابع العجلاوي قائلا إن مفهوم الدولة حاليا لم يعد يرتبط فقط بالحدود الجغرافية المعترف بها بل بحدود النفوذ الاقتصادي والمالي والإثني والروحي لهذه الدول خارج إقليمها، متسائلا في سياق الأزمات التي تعيشها إفريقيا عن موقع المغرب من التحولات الجيوسياسية التي تعرفها القارة. جوابا على ذلك سجل العجلاوي أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 تزامنت مع تحول موازين القوى داخل القارة، مما ساعد المغرب على التموقع داخل مؤسسات الاتحاد وتأثيره في عدد من القرارات، وإعادة التوازن داخل المؤسسة ضد السيطرة السابقة الجزائريةالجنوب-إفريقية عليها. كما أشار العجلاوي إلى دور المغرب في إعطاء توجه جديد للاتحاد مع محاولات إصلاح المؤسسة القارية التي وصفها بالضعف لغيابها عن تدبير مختلف الأزمات التي تعيشها المنطقة، مشيرا إلى تركيز الدبلوماسية المغربية برئاسة الوزير ناصر بوريطة على قضية الإصلاح، لتجاوز "الترهل" الذي يعرفه الاتحاد "المثقل باللجان واللجان الثنائية والرباعية" حسب وصف العجلاوي. وقال العجلاوي إن تموقع المغرب داخل الاتحاد سمح له باختراق كتلة جنوب إفريقيا، حيث سحبت دولة مالاوي اعترافها بجبهة البوليساريو، وعلى نهجها سارت زامبيا، فضلا عن وصول المغرب إلى دول شرق إفريقيا، ودوره في حل القضية الليبية رغم العراقيل التي وضعت أمامه. وخلص العجلاوي إلى أن المنطقة صارت إزاء خرائط جيوسياسية جديدة حيث تحتل العلاقات الدولية مكانة مهمة متجاوزة شكلها التقليدي، مع تغيير التحالفات، وغيرها. وقال العجلاوي إن من بين الأسباب التي غيرت التحالفات اعتراف ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء، والاتفاق الثلاثي الذي ضم إسرائيل. وأضاف أننا اليوم صرنا أمام "توازنات سياسية دولية جديدة تتحكم في القرارات السياسية" مسجلا ما وقع في ملف علاقات المغرب مع إسبانيا وألمانيا، وتوجهه إلى تعزيز العلاقات مع دول شرق أوربا. هذا التوجه نحو شرق أوربا قرأه العجلاوي بمحاولة المغرب إحداث توازنات في علاقاته مع الاتحاد الأوربي التي تشكل ثلثي مبادلاتنا التجارية و"بالتالي لا ينبغي أن يبقي فقط على العلاقات مع فرنسا وإسبانيا، فلابد من تغيير وتنويع هذه العلاقات" يؤكد المتحدث.